تاريخ الدولة الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
تاريخ الدولة الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أولا : الدولة الأموية :
تنسب الدولة الأموية إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وكان سيداً من سادات قريش فى الجاهلية.. وكان بنو أمية من المتأخرين فى دخول الإسلام إذ أسلم أبو سفيان بن حرب عند فتح مكة.
ولكن بعد إسلامهم أبلوا فى خدمة الإسلام بلاءً حسناً وكان لهم دور كبير فى عدد من الأحداث الجسام أذكر منها دورهم البطولى فى حروب الردة، كما ساهم بنو أمية فى نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية.
وقد كانت نشأة الدولة الأموية قصة تاريخية مشهورة إذ كان التمهيد لبدايتها فتنة شديدة قامت بين رابع الخلفاء الراشدين سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه ومعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما حين عارض معاوية خلافة على بن أبى طالب بحجة أن علياً تهاون فى الدفاع عن عثمان بن عفان رضى الله عنه .
وأسفرت هذه الفتنة عن معارك عنيفة بين الجانبين استمرت حتى يوم 17 رمضان سنة 40 هجرية حين قتل أحد الخوارج الخليفة الراشد سيدنا على بن أبى طالب ..
وكان من الممكن أن تستمر هذه المحنة طويلاً لولا أن الحسن بن على الذى بويع بالخلافة بعد أبيه رضى الله عنهما تنازل عنها لمعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما حقناً لدماء المسلمين وتوحيداً لكلمتهم .. وقد كان ذلك فى عام 41 هـ الذى سمى بعام الجماعة.. وهو يعد البدء الحقيقى للدولة الأموية التى بدأت بالتحديد حين أخذت البيعة لمعاوية بن أبى سفيان بالكوفة فى حضور الحسن والحسين رضى الله عنهما يوم 25 ربيع الأول عام 41 هجرياً
تعريفات :
تعريف معاوية بن أبي سفيان
هو معاوية بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى، من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومؤسس الدولة الأموية فى الشام..
أسلم يوم فتح مكة سنة (8هـ)..
وتعلم الكتابة والحساب وكان من كُتَّاب النبى صلى الله عليه وسلم وروى عنه (130) حديثًا.. وروى عنه بعض الصحابة منهم: ابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن الزبير وأبو الدرداء رضى الله عنهم..
وحينما ولى أبوبكر الصديق رضى الله عنه بعثه مع أخيه يزيد بن أبى سفيان إلى الشام، ولما مات يزيد استخلفه على دمشق، وأقرَّه عمر رضى الله عنه على دمشق، وفى خلافة عثمان رضى الله عنه جَمع له الديار الشَّامية كلها، وجعل ولاة أمصارها تابعين له..
ولمَّا قُتل عثمان بن عفان وولى الخلافة على بن أبى طالب خرج عليه معاوية، ونشبت الحروب بينهما انتهت بقتل على رضى الله عنه ثم تنازل له الحسن بن على رضى الله عنه منعًا لوقوع الاختلاف بين المسلمين وكان ذلك سنة (41هـ)..
ودامت لمعاوية الخلافة إلى أن بلغ سن الشيخوخة فعهد بالخلافة إلى ابنه يزيد..
وقد بلغت فتوحات معاوية بن أبى سفيان المحيط الأطلنطى، وافتتح عامله بمصر بلاد السودان سنة (43هـ)، وهو أول مسلم ركب بحر الروم للغزو..
وفى أيامه فُتح كثر من جزائر يونان، و الدردنيل ، وحاصر القسطنطينية برًا وبحرًا سنة (48هـ)، وهو أول من جعل دمشق مقرًا لخلافته، وهو أول من اتخذ الحجاب فى الإسلام، وأول من نصب المحراب فى المسجد..
كذلك يعتبر معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه أول من خالف قاعدة الشورى فى الخلافة،حيث عهد بالخلافة لابنه من بعده، وتوفى معاوية بن أبى سفيان فى دمشق سنة (60هـ)..
ثانيا :الدولة العباسية ::
تنسب الدولة العباسية إلى العباس بن عبد المطلب عم النبى (صلى الله عليه وسلم). وبنو العباس هم الفرع الثانى من بنى هاشم، أما الفرع الأول فهم العلويون أبناء الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه. وكان لتأسيس الدولة العباسية قصة طويلة، بدأت بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما طالب بنو هاشم بإسناد الخلافة إلى أهل الرسول (صلى الله عليه وسلم) وذويه، ولم يكتب لهم النجاح بإجماع المسلمين على خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه والخلفاء الراشدين من بعده. ومع هذا لم ينس بنو هاشم مطلبهم خاصة بعد أن آلت الخلافة إلى بنى أمية. ومن مدينة «الكوفة» بالعراق بدأ العباسيون يخططون لدولتهم فى سرية تامة وأخذوا يرسلون الدعاة إلى بلاد فارس وخراسان، وحتى لا يثيروا العلويين ضدهم نادوا فى البداية بالدعوة للرضا من آل محمد (صلى الله عليه وسلم) وهكذا اشترك جميع بنى هاشم فى بناء الدولة عباسيين وعلويين، إلا أن بنى العباس استطاعوا بدهائهم أن يستأثروا وحدهم بالسلطة. والحق يقال ان هناك عدة عوامل ساعدت على قيام الدولة العباسية، فإلى جانب التخطيط الجيد والسرية، أحسن العباسيون اختيار الدعاة والرجال الذين أقاموا الدولة وأذكر من هؤلاء أبا مسلم الخراسانى أبرز الدعاة فى خراسان، و أبا سلمة الخلال كبير الدعاة بالكوفة. وكان ازدهار الدعوة العباسية وانتشارها فى خلافة عمر بن عبد العزيز فقد استقرت الأمور فى عهده، ولم يكن يميل إلى القسوة على بنى هاشم. وظل العمل الدؤوب المستمر من قبل الدعاة العباسيين حتى كانت ليلة الخميس الخامس والعشرين من رمضان سنة 129 هـ إذ ظهر العباسيون براياتهم السوداء وأعلنوا الثورة على الدولة الأموية. وانطلقت الجيوش العباسية بقيادة أبى مسلم الخراسانى وقحطبة بن شبيب تزحف على ولايات الدولة الأموية وتستولى عليها، فقد دانت خراسان كلها لأبى مسلم الخراسانى، ودانت الكوفة لقحطبة بن شبيب. وبمرور الوقت دانت كل المدن الأموية للعباسيين من أقصى الشرق حيث كابل لأقصى الغرب حيث قرطبة و أشبيلية مرورا بالقدس و الخليل و الرها وغيرهم.
وشهد عام 132 هـ بالتحديد حدثًا تاريخيًا كبيراً وهو سقوط دولة بنى أمية لتنمو وتزدهر على أرضها شجرة الدولة العباسية. وبدأ ذلك بانتقال مؤسس الدولة أبى العباس عبد الله بن محمد -المعروف بالسفاح - ومعه الأسرة العباسية إلى «الكوفة» وهناك بايعه النقباء والأمراء بالخلافة فى قصر الإمارة. ثم خرج إلى الناس فخطب فيهم وأخذ البيعة. وتم الأمر لبنى العباس بمقتل مروان بن محمد أخر خلفاء بنى أمية فى جمادى الأخرة سنة 132 هـ. والآن أريد أن أحدثكم عن أمر حيرنى، فقد اختلف إخوانى المؤرخون فى كيفية تقسيم الدولة العباسية، فبعضهم قسمها إلى عصور قوة وضعف حسب قوة الدولة ووضعها فى كل مرحلة من مراحل تاريخها، وبعضهم الأخر قسمها حسب العوامل المختلفة التى أثرت فى سيرة الدولة كسيطرة الجند والقادة على مركز الخلافة أو تأثير الدول القوية على الخلفاء. ولكنى سآخذ بالتقسيم الذى استقر عليه غالبية المؤرخين وهو تقسيم الدولة العباسية إلى ثلاثة عصور رئيسية هى:
1- العصر العباسى الأول: ويمتد فى الفترة من 132 هـ - 232 هـ ، وكان أقوى عصور الدولة العباسية.
2- والعصر العباسى الثانى: ويمتد فى الفترة 232 هـ - 590هـ وفى هذا العصر بدأت تضيع السلطة من أيدى الخلفاء، وسيطر العسكريون على الحكم.
3- وأما العصر العباسى الثالث والأخير: فيقع فى الفترة من (590 - 656هـ) وفيه انحصرت دولة الخلافة فى بغداد وما حولها بينما سيطرت الدول المستقلة على باقى عواصم الخلافة. ومن خلال هذا التقسيم يسرنى أن أحدثكم عن كل عصر على حدة، كأنه دولة مستقلة فى فترة عمر الدولة العباسية التى استمرذت من 132 هـ - 656هـ. ونبدأ من العصر العباسى الأول الذى يمتد قرنًا من الزمان منذ بداية تأسيس الدولة فى عام 132 هـ إلى عام 232هـ.
وحكم فى هذه الفترة تسعة فروع من الشجرة العباسية هم على الترتيب :
* أبو العباس السفاح ولى فى الفترة من 132 - 136 هـ
* أبو جعفر المنصور ولى فى الفترة من 136 - 158 هـ
* أبو عبد الله المهدى ولى فى الفترة من 158 - 169 هـ
* أبو محمد موسى الهادى ولى فى الفترة من 169 - 170 هـ
* هارون الرشيد ولى فى الفترة من 170 - 193 هـ
* أبو موسى محمد الأمين ولى فى الفترة من 193 - 198 هـ
* أبو جعفر عبد الله المأمون ولى فى الفترة من 198 - 218 هـ
* أبو إسحاق المعتصم ولى فى الفترة من 218 - 227 هـ
* أبو جعفر هارون الواثق ولى فى الفترة من 227 - 232 هـ
وهو أخر خلفاء الدولة فى العصر الاول وامتدت الشجرة العباسية بعده فى العصرين الثانى والثالث. ويعد العصر العباسى الأول العصر الذهبى لبنى العباس، فقد سيطر الخلفاء العباسيون خلاله على مقاليد السلطة، ورغم ظهور بعض الدول المستقلة وأهمها الدولة الأموية بالأندلس ودولة الأدارسة بالمغرب والدولة الرستمية في الجزائر ودولة الأغالبة فى تونس، إلا أن الدولة ظلت متماسكة حتى نهاية هذا العصر. وكانت تجمع هذه الدول جميعًا راية الإسلام وتربطهم حضارة واحدة هى الحضارة الإسلامية التى قامت على الوحدانية المطلقة لله، والإستقامة على منهجه، وآمنت بالمبادئ الإنسانية مثل التسامح الدينى والمساواة العنصرية والقيم الرفيعة مثل الأخلاق الحربية والرفق بالحيوان والوعى بالزمن، وقد أثبت التاريخ أنها حضارة إنسانية عالمية.
ونعود إلى العصر العباسى الأول وقد قلنا انه أزهى عصور الدولة العباسية ورغم ذلك فقد توقفت فيه الفتوحات الإسلامية الكبيرة ويرجع هذا إلى عدة أسباب منها انشغال العباسيين بالصراعات الداخلية مع العلويين فى العراق والحجاز ومع الأمويين فى الأندلس بالإضافة إلى الصراع المستمر مع الخوارج. ولا يكاد يوجد غزو أو فتوحات مهمة سوى فتح عمورية فى بلاد الروم بقيادة المعتصم، وفتح صقلية بقيادة الفقيه القائد أسد بن الفرات، بالإضافة إلى فتح بعض الثغور والقرى الصغيرة فى العمليات العسكرية التى كانت تسمى بـ «الصوائف والشواتى».
والحق يقال ان عهد هارون الرشيد الذى ولى الخلافة من عام 170 هـ وحتى عام 193 هـ يعد أقوى وأزهى فترات الدولة العباسية فى جميع عصورها، فقد استطاع بشخصيته القوية أن يقضى على حركات النزاع على الحكم التى تضعف الدولة، وكان الرشيد كثير الغزو لبلاد الروم مما أدى الى تأمين الحدود الخارجية للدولة وبذلك استتب الأمن واستقرت الأحوال، ونظم العباسيون شئون الحكم وطوروا فى مؤسسات الدولة التى كانت موجودة قبل ذلك فاهتموا بتنظيم الجيش وتحديد رتبه وقياداته، وكذلك الشرطة لحفظ الأمن الداخلى، وتطورت مؤسسة القضاء وأضيف إليها منصب قاضى القضاة وهو الذى كان يباشر بنفسه مع الخليفة أحكام ديوان النظر فى المظالم، ونتيجة للإستقرار الإقتصادى اهتم العباسيون بتطوير دواوين الخراج والسكة.. وجعلوا الوزارة منصبا رسميا لأول مرة.
ومع استقرار الدولة بدأت تظهر نتائج الحضارة الإسلامية فى العلوم والمعارف والفنون. ولكي أحدثكم عنها فسوف آخذكم فى جولة سريعة لزيارة آثار العباسيين فى العمارة وخاصة فى مدينة «بغداد» التى بناها المنصور سنة 146 هـ والتى نشاهد فيها روائع العمارة الإسلامية فى العصر العباسى الأول وخاصة «قصر الأخيضر» الذى يعد أجمل وأروع القصور العباسية ولا يضاهيه فى الجمال سوى «قصر المعتصم» فى «سامراء» وهى العاصمة الثانية للخلافة العباسية، وأما عن «عمارة المساجد» فنلاحظ التطور الذى حدث فيها فى «المسجد الجامع» فى «سامراء» والذى يتميز بتصميم فريد لم يظهر من قبل وخاصة فى مئذنته الحلزونية الشهيرة، والزائر للمسجد يلاحظ تقنية الصوتيات المعمارية المتقدمة. وفى الآثار المعمارية للعباسيين نشاهد روائع الفن الإسلامى فى ذلك العصر فنرى ونشاهد «التصوير الجدارى» فى القصور العباسية بالإضافة إلى الزخارف الجصية من خلال فن «النحت على الحجر» برسم تفريعات نباتية ذات أوراق كبيرة كما ظهر فن «النحت على الخشب» فى قطعة خشبية عثر عليها علماء الآثار فى سامراء. وينسب إلى أوائل العصر العباسى مجموعة من الأوانى الخزفية التى ظهرت فيها ابتكارات المسلمين فى «فن الخزف».
ومن جماليات العمارة والفن إلى ثراء العلم والفكر، فمن مفاخر العصر العباسى الأول أنه ظهر فيه حشد كبير من العلماء فى مختلف العلوم والفنون والآداب، ويكفى هذا العصر فخراً أنه اجتمع فيه أئمة «الفقه» الأربعة أصحاب المذاهب الفقهية المعروفة وعلى رأسهم الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان وفقيه «المدينة» الإمام مالك بن أنس والإمام الشافعى والإمام الممتحن أحمد بن حنبل وظهرت فى الفقه الإسلامى مدرستان علميتان كبيرتان هما مدرسة أهل الرأى فى العراق، ومدرسة أهل الحديث فى المدينة المنورة. وحفل هذا العصر أيضًا بأئمة علوم القرآن وعلوم اللغة العربية فظهر منهم سيبويه والخليل بن أحمد وأبو عمرو بن العلاء والإمام الفراء والكسائى وظهرت فى علوم اللغة أيضًا مدرستان علميتان هما: مدرسة «البصرة»، ومدرسة «الكوفة». وفى التاريخ ظهر أول تاريخ كامل للسيرة النبوية الشريفة فى كتابى «سيرة ابن هشام» وكتاب «الطبقات الكبرى» لمحمد بن سعد. وأما عن تطور العلوم فى العصر العباسى الأول، فقد انتقلت العلوم من مرحلة التلقين الشفوى إلى مرحلة التدوين والتوثيق فى كتب وموسوعات، وظهرت أول مؤسسة علمية من نوعها وهى «دار الحكمة» التى تأسست فى عهد الرشيد ووصلت إلى أوج نشاطها العلمى فى التصنيف والترجمة فى عهد المأمون، ومن الجدير بالذكر أن المسلمين لم يكتفوا بمجرد الترجمة بل كانوا يبدعون ويضيفون إلى كل علم يترجمونه وكانت «المجالس والندوات العلمية» منتدىً خصبًا للحوار بين العلماء. ومن الإنجازات العلمية المهمة فى هذا العصر المرصد الفلكى الذى شيده الخليفة المأمون فى بغداد،وكان أكبر المراصد الفلكية فى هذا العصر، وقد عمل فيه أكبر علماء «الفلك» المسلمين وقد تمكنوا -من خلاله- من تفسير ظاهرة الجاذبية، وتعيين خط العرض وقياس طول محيط الارض وقد ساعدهم فى هذا علماء الجغرافيا و الهندسة، ولا أنسى جهود العلماء المسلمين فى العلوم الطبية وخاصة علم التخدير وطب العيون.
وقد كان للعديد والعديد من العواصم والمدن الكبرى إشعاع حضارى وعلمى ذو بريق، ومنها مكة والمدينة بالحجاز، والفسطاط والإسكندرية فى مصر، وفاس والقيروان بالمغرب، وحلب ودمشق فى الشام، ومدن ما وراء النهر كبخارى وطشقند وخوارزم وسمرقند، ونيسابور فى خراسان، وأشبيلية وقرطبة فى الأندلس، بالإضافة إلى بغداد عاصمة الخلافة. وأخيراً أحب أن أشير إلى عشرات الشخصيات البارزة فى العصر العباسى الأول الذين بنوا هذه الدولة وكانوا صناع حضارتها وتركوا لنا أمثلة رائدة وقدوة حقيقية فى الإيمان والجهاد والعمل، ولأن الحديث عنها قد يطول ويطول. داعيًا الله عز وجل أن تستمتعوا معى بالرحلة وتأخذوا منها العبرة والفكرة والذكرى الطيبة العطرة.
تعريفات :: (( في الدولة العباسية ))
أبو العباس السفاح :
هو أبو العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أول خلفاء بنى العباس. ولد سنة ثمان ومائة بالحميمة، ونشأ بها. حدَّث عن أخيه إبراهيم بن محمد الإمام، وروى عنه عمه عيسى بن على، وكان أصغر من أخيه المنصور. وقال بعض المشايخ عنهم: والله لقد أفضت الخلافة إلى بنى العباس وما فى الأرض أحد أكثر قارئاً للقرآن ولا أفضل عابدًا ولا ناسكًا منهم. وبويع بالخلافة فى ثالث ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وصلى بالناس الجمعة. وكان السفاح سريعًا إلى سفك الدماء، فأتبعه فى ذلك عماله بالمشرق والمغرب، وكان مع ذلك جوادًا بالمال. قال الصولى: وكان السفاح أسخى الناس، ما وعد يمترةً فأخرّها عن وقتها، ولا قام من مجلسه حتى يقضيها. وكان نقش خاتمه الله ثقة عبد الله وبه يؤمن. ومن كلامه: إن من أدنياء الناس ووضعائهم مّنْ عَدّ البخل حزمًا، والحلم ذلاً. ومات السفاح بالجُدرِىِّ فى ذى الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وكان قد عهد إلى أخيه أبى جعفر المنصور.
أبوجعفر المنصور ::
هو أبوجعفر المنصور عبدالله بن محمد بن على بن عبدالله بن عباس، ثانى خلفاء بنى العباس. ولد المنصور فىالحميمة فى أرض الشراة قرب معان سنة(95هـ)، وأمه بربرية تُدعى سلاّمة. وكان المنصور عارفًا بالفقه والأدب، مقدمًا فى الفلسفة والفلك محبًا للعلماء.ولى الخلافة بعد وفاة أخيه السفَّاح سنة (136هـ)، وأمر بتخطيط وبناء مدينة بغداد سنة (145هـ)، وجعلها دار ملكه بدلاً من الهاشمية التى بناها السفَّاح. وقَتل المنصور خلقًا كثيرًا حتى استقام له الملك، وكان من بينهم أبو مسلم الخراسانى، كما آذى كثيرًا من العلماء منهم أبو حنيفة. وفى عهده شرع علماء الإسلام فى تدوين الحديث، والفقه، والتفسير. ومن آثاره التى بناها مدينة المصيص، والرافقة بالرقة. وشرع العرب أيامه يطلبون علوم اليونان والفرس، وعُمل فى عهده أول اسطرلاب فى الإسلام صنعه محمد بن إبراهيم الغزارى. وتوفى المنصور فى بئر ميمون من أرض مكة سنة (158هـ) ودفن فى الحجون بمكة وكانت مدة خلافته(22) سنة.
أبو عبدالله محمد المهدي ::
هو أبوعبدالله محمد بن عبدالله المنصور بن محمد بن على العباسى، المهدى بالله.من خلفاء الدولة العباسية بالعراق.ولدالمهدى بإيذج من كور الأهواز سنة (127هـ).وقد ولىالخلافة بعد وفاة أبيه وبعهد منه سنة (158هـ ). وكان المهدى محمود السيرة محببا إلى الرعية،حسن الخلق والخلق، جوادًا، وكان يجلس للمظالم إلا حياءً منهم لكفى.وفى عهده فتحت إربد من الهند وكثرت الفتوح بالروم كما بنى جامع الرصافة. قال عنه الذهبى: هو أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق. وقد توفى المهدى سنة (169هـ ). وكانت مدة خلافته عشر سنين وشهرًا.
أبو محمد موسى الهادي ::
هو أبو محمد موسى الهادى بن محمد المهدى بن أبى جعفر المنصور من خلفاء الدولة العباسية ببغداد. ولد الهادى بالرى سنة (144هـ)، وولى الخلافة بعد وفاة أبيه سنة (169هـ ).وكان أبوه قد أوصاه بقتل الزنادقة فتتبعهم وقتل منهم خلقا كثيرًا، وكان الهادى أديبًا فصيحًا، تعلوه الهيبة، وله سطوة وشهامة، وكان نقش خاتمه الله ثقة موسى وبه يؤمن وقد اشتهر بكرمه وجزيل عطائه. ولما أراد خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد، ويجعلها لابنه جعفر، دبرت أمه الخيزران لقتله، حيث أمرت جواريها أن يقتلنه فخنقنه. وقد توفى الهادى مقتولا سنة (170هـ).
هارون الرشيد ::
هو أبو جعفر هارون بن المهدى محمد بن المنصور المعروف بهارون الرشيد أحد خلفاء الدولة العباسية فى العراق. ولد هارون الرشيد فى الرى سنة (148هـ)، وقداستخلف بعهد من أبيه عند موت أخيه الهادى سنة (170هـ). وكان من أفضل الخلفاء وأجل ملوك الدنيا، حيث كان يغزو عاما ويحج عاما. وكان يصلى فى خلافته فى كل يوم مائة ركعة إلى أن مات، لا يتركها إلا لعلة، ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم. وكان يحب العلم وأهله، ويعظم حرمات الإسلام، ويبغض المراء فىالدين، والكلام فى معارضة كتاب الله عز وجل، والسنة النبوية الشريفة.وفى سنة (179هـ) اعتمرهارون الرشيد فى رمضان، ودام على إحرامه إلىأن حج، ومشى من مكة إلى عرفات. وقد غزا هارون الرشيد مدينة هرقل، وبث جنوده بأرض الروم، حتى لم يبق بممالكهم فى الأسر مسلم. وأرسل شراحيل بن معن بن زائدة مفتح حصن الصقالبة وافتتح يزيد بن مخلد ملقونية، وأرسل حميد بن معيوف إلى قبرص، وسبى من أهلها ستة عشرألفا. ومن محاسنه أنه لما بلغه موت عبدالله بن المبارك جلس للعزاء وأمر الأعيان أن يعزوه فى ابن المبارك. وروى أن ابن السماك دخل على الرشيد يوما، فاستسقى، فأتى بكوز، فلما أخذه قال: على رسلك يا أمير المؤمنين، لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكى،قال: اشرب هنأك الله تعالى، فلما شربها قال: أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها؟ قال: بجميع ملكى. قال: إن ملكا قيمته شربة ماء وبولة لجدير أن لا ينافس فيه، فبكىهارون بكاءً شديدا. وقد مات هارون الرشيد فى الغزو بطوس من خراسان ودفن بها فى الثالث من جمادى الآخرة سنة (193هـ)، وله خمس وأربعون سنة.
أبو موسى محمد الأمين ::
هو محمد بن هارون الرشيد بن المهدى بن المنصور، المعروف بالأمين.أحد خلفاء الدولة العباسية. ولد الأمين فى رصافة بغداد سنة (170هـ) وكان جميل الصورة شجاعا، محبًا للأدب. وقد بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه سنة (170هـ) بعهد منه. وقد ولى أخاه المأمون خراسان وأطرافها، وفى سنة (195هـ) أعلن الأمين خلع المأمون من ولاية العهد. وقد اقتتلا الأمين والمأمون مما أدى إلى مقتل الأمين وتولى المأمون الخلافة. وكان الأمين مكثرًا من إنفاق الأموال، يؤخذ عليه انصرافه إلىاللهو ومجالسة الندماء. وقد توفى الأمين مقتولا بمدينة السلام سنة (198هـ).
وله مواقف عديدة منها:
من أعز الناس
أبو جعفر عبدالله المأمون:
هو أبو العباس عبدالله بن هارون الرشيد بن المهدى بن أبى جعفرالمنصور، المعروف بالمأمون.أحد خلفاء الدولة العباسية فى العراق.ولد المأمون سنة (170هـ) وقد برع فى الفقه والعربية، واهتم بالفلسفة. ولى المأمون الخلافة بعد خلع أخيه الأمين سنة (198هـ) وقد نفذ أمره من إفريقية إلى أقصى خراسان وما وراء النهر والسند. ودخل دمشق، وكان أول من دخل مصر من الخلفاء العباسيين.وفى عهده تم ترجمة كتب الفلسفة، وحض الناس على قراءتها، وقرب العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين وأهل اللغة.وامتحن الكثير من العلماء وسجنهم، حيث كان يقول بخلق القرأن.ومن كلامه:لو عرف الناس حبى للعفو لتقربوا إلى بالجرائم.
وقد توفى المأمون فى بذندون سنة (218هـ)، ودفن فى طرسوس
المستعصم بالله :
هو أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن المهدى بن المنصور المعتصم بالله العباسى من خلفاء الدولة العباسية. ولد المعتصم بالله سنة (179هـ) وكَرِه التعليم فى صغره، فنشأ ضعيف القراءة يكاد يكون أُميًّا.بُويع بالخلافة سنة (218هـ) بعد وفاة أخيه المأمون وبعهد منه. وقد سلك مسلك المأمون فى سيرته، وفتح عَمُّورية من بلاد الروم الشرقية، وبنى مدينة سَامِرَّاء سنة (222هـ) حين ضاقت بغداد بجنده. وهو أول من أضاف اسمه إلى اسم الله تعالى من الخلفاء فقيل المعتصم بالله وكان يُقال له المُثمَّن لأنه ثامن الخلفاء من بنى العباس، وثامن أولاد الرشيد، وملك سنة ثمان عشرة، وملك ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وعاش ثمانية وأربعين سنة، وفتح ثمانية فتوح، وقتل ثمانية أعداء، وخلف ثمانية بنين وثمانية من البنات. وتُوفى المعتصم فى سامراء سنة (227هـ).
أبو جعفر هارون الواثق::
هو هارون الواثق بالله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد العباسى من خلفاء الدولة العباسية فى العراق.ولد الواثق بالله فى بغداد سنة (200هـ) وولى الخلافة بعد وفاة أبيه سنة (227هـ ( وقد أحسن الواثق لأهل الحرمين حتى قيل إنه لم يوجد بالحرمين فى أيامه سائل أى فقير. ولكنه مع ذلك امتحن الناس فى قضية خلق القرأن وآذى الإمام أحمد بن حنبل.وكانت وفاته فى سامراء سنة (232هـ).
الدولة الإدريسية (( مازلنا في الحضارة العباسية ))
تنسب الدولة الإدريسية إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن الذى أسسها بعد فرارة من العباسيين إلى المغرب العربى سنة 172 هـ، فقد تجمعت حوله بعض قبائل البربر حتى كون منهم قوة كبيرة سيطرت من منطقة تلمسان إلى أواسط المغرب الأقصى. وفى سنة 177 هـ مات إدريس مسمومًا، ولم يكن له وريث، ولكن إحدى جواريه كانت حاملاً منه، فقام غلامه راشد بجمع القبائل الموالية على انتظار المولود وظل يحكم باسمه حتى شب الغلام وتسلم الحكم وسمى «إدريس الثانى». ويعتبر إدريس الثانى هو المؤسس الحقيقى للدولة فقد قام بعدة أعمال لتثبيت حكمه وأهمها:
1- متابعة فرض النفوذ والطاعة على القبائل البربرية فى المنطقة.
2- إنشاء مدينة فاس سنة 192 واتخاذها عاصمة للإمارة.
وفى سنة 213 توفى إدريس الثانى وله أحد عشر ولدًا، تولى أكبرهم محمد بن إدريس الإمارة، ووزع على إخوته باقى الأعمال. ومات محمد سنة 221 هـ ، وقد دب الخلاف والتخاصم بين إخوته، وخلفه من بعده ابنه علىّ الذى ما لبث أن توفى سنة 224 هـ دون أن يترك أثرًا يُذكر وخلفه أخوه يحيى. وشهدت مدينة (فاس) إزدهارًا كبيرًا فى عهد الأمير يحيى بن محمد، فقد اهتم بعمرانها، وبنى الحمامات والفنادق للتجار، وشيد فيها المسجد الجامع المعروف بـ (جامع القرويين) سنة 245 هـ؛ وهو من أشهر مساجد العالم الإسلامى حتى اليوم. وبعد وفاة يحيى بن محمد خلفه ابنه يحيى الثانى الذى كان ماجنًا؛ فثارت عليه العامة، وطردوه من الإمارة. وولى عرش الدولة بعده ابن عمه على بن عمر؛ ولم يطل حكمه طويلاً بسبب الخلافات بين البيت الحاكم، حتى استقر الأمر ليحيى بن إدريس بن عمر سنة 292 هـ. وكان يحيى بن إدريس من أعظم أمراء الأدارسة ملكًا وسلطانًا إلى أن تأسست الدولة الفاطمية بالمغرب، وأطاحت بإدريس سنة 309 هـ ، وبقيت الإمارة فى وضع هزيل تحت رحمة الفاطميين إلى أن
وجه لها الأمويون بالأندلس ضربة قاضية بالاستيلاء على ما بقى منها سنة 319 هـ
تعريف مدينة فاس ::
الموقع الجغرافى:
تقع مدينة فاس فى الشمال الإفريقى للمملكة المغربية، ويحدها من جهة الغرب نهر أبى رقراق ومن الشرق نهر إنادن ومن الشمال نهر سوبرد. وتبلغ مساحتها حوالى (5400)كم2، وهى تربط بين المغرب والأندلس أو القارة الإفريقية وأوربا، حيث تقع عند ملتقى طريقين رئيسيين، أحدهما يبدأ عند شواطىء البحر المتوسط (فى طنجة أو سبتة)، ويمتد إلى الصحراء وما وراءها إلى قلب القارة السوداء، والطريق الذى تقع عليه مدينة فاس يبدأ من المحيط الأطلسى إلى المغرب الأوسط فى الجزائر.
تاريخ فاس :
يرجع تاريخ تأسيس مدينة فاس إلى القرن (8م)، حيث قام بتأسيسها المولى إدريس مؤسس الدولة الإدريسية، ثم قام ابنه بتكريس كل جهوده فى بناء وتشييد مدينة فاس حيث أسس بها القصر الملكى، والسوق وحصنها بالأسوار، وفى القرن (11م)، تمكن يوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين من ضم المدينة إليه، وسجل بذلك بداية العصر الذهبى للمدينة. وفى عهد الموحدين فى القرن (12،13م)، شهدت المدينة مرحلة من الرخاء والتقدم؛ حيث ازدهرت بها التجارة والصناعة، خاصة صناعة الفسيفساء والنحاس، وقد أدى التقدم الاقتصادى للمدينة إلى ظهور تيارات فكرية ودينية، وبهذا بدأت المدينة تأخذ شكلها كعاصمة، وأصبح مسجد القرويين آنذاك جامعة حقيقية. وفىعهد بنى مرين عرفت مدينة فاس ازدهارًا تجاريًا كبيرًا وفى سنة(1260م) كان أول غزو صليبى للمدينة، حيث استولى عليها البرتغاليون غدرًا وغيلة، إلى أن تمكن الخليفة المرينى أبو يوسف يعقوب من إجبارهم على تركها والهرب بسفنهم عبر مياه المحيط . وفى سنة (1400م) جاء الغزو الصليبى الثانى على المغرب، وكانت أسبانيا صاحبته والمحرضة عليه. ثم جاء الغزو البرتغالى على شكل سلسلة متتابعة لمدن المغرب، بدأت من عام (1452م) إلى عام (1508م) إلى أن تمكن السعديون من طرد البرتغاليين من المغرب العربى بعد ذلك. وفى سنة (1664م) تولى مولاى رشيد حكم البلاد، وأسس فيها الدولة العلوية، التى ينحدر الملك الحسن الثانى من سلالتها. وفى سنة (1860م) جاء الجيش الفرنسى إلى المغرب، وتمكن من هزيمة المغاربة فى معركة أسلس. وفى سنة (1912م) وقعت أسبانيا وفرنسا اتفاقا يقضى بتقسيم البلاد بينهما وأعلنت فرنسا الحماية على المغرب. وقامت القبائل بتوحيد صفوفها وجهودها ضد الاستعمار الفرنسى وظهر الأمير عبد الكريم الخطابى فى الشمال وأنزل بالمستعمرين الأسبان خسائر فادحة. وفى سنة (1955م) استقلت المغرب عن فرنسا، وعاد إلى حكمها الملك محمد الخامس الذى ينتسب إلى الدولة العلوية، ثم خلفه الملك الحسن الثانى .
آثار ومعالم فاس:
مسجد الاْندلس؛ الذى بنى سنة (859م)، وهو يثير الإنتباه من خلال بوابته العجيبه المصنوعة من الأرز المنحوت.
جامعة القرويين؛ التى بنيت سنة (862م) وتتميز عمارتها الفريدة من نوعها بالدقة والجمال إذ تشكل نسقًا هندسيًا رائعًا مما جعلها مفخرة من مفاخر التاريخ الإسلامى، وهى تعتبر من أقدم جامعات العالم.
مدرسة الصهريج؛ بنيت فى القرن (14م)، وأخذت اسمها من ذلك الصهريج الموجود فيها للوضوء.
مدرسة العطارين؛ بنيت فى القرن (14م) على يد السلطان أبو سعيد المرينى، وقد خصصت لسكن الطلاب الذين يدرسون فى جامعة القرويين.
فندق التجاريين؛ الذى يعود تاريخه إلى القرن (14م)، وزين مدخله بأفاريز قمة فى الجمال، وبجانبه إحدى أجمل النافورات فى المدينة.
ساحة الصفارين؛ وهى ساحة لصناعة النحاس على الطريقة المعروفة، وهى من أشهر الصناعات العريقة فى مدينة فاس.
الدولة الأموية بالأندلس : (( ما زلنا في الدولة العباسية ))
فتحت بلاد الأندلس فى عهد الوليد بن عبد الملك بين عامى 92، 93 هـ فى الخلافة الأمُوية، عندما قام بفتحها طارق بن زياد بتوجيه من والى أفريقية موسى بن نصير، وظلت الأندلس بعد ذلك خاضعة للخلافة الأموية كإحدى الولايات الرئيسية، إلى أن سقطت الخلافة الأموية سنة 132 هـ، واتجه العباسيون إلى استئصال الأمويين. وتمكن عبد الرحمن بن معاوية (عبد الرحمن الداخل) أن يفلت من قبضة العباسيين، فهرب إلى أخواله فى الشمال الإفريقى، وأقام عندهم فترة من الزمن، ثم فكر فى دخول الأندلس ليبعد عن العباسيين، فراسل الأمويين بالأندلس، ولما أحس ببعض الاطمئنان قفز إلى هناك عام 138 هـ. فتجمع حوله الأمويون، ومن تبعهم ممن يكرهون والى العباسيين فى الأندلس يوسف الفهرى. فكوَّن عبد الرحمن الداخل من هؤلاء جيشًا كبيراً، اتجه به نحو قرطبة، فتقابل مع جيش الفهرى فى موقعة عرفت باسم «المصارة» انتهت بهزيمة الفهرى وقتله ودانت الأندلس كلها بعد ذلك لعبد الرحمن الداخل. وبعد هذا التاريخ - 138 هـ - بداية الدولة الأموية فى الأندلس والتى استمرت حتى عام 422 هـ. ولقد واجه عبد الرحمن الداخل عقبات وتحديات كثيرة من أجل توطيد الحكم الأموى بالأندلس، وخاض فترة الصراع مع دولة الخلافة العباسية، وذيولها وبعض الطامحين إلى الحكم. فلقد شجع العباسيون واليهم على أفريقية العلاء بن المغيث على إخضاع الأندلس والقضاء على عبد الرحمن الداخل، فاستجاب العلاء وعبر البحر إلى الأندلس سنة 146هـ، ولكنه منى بهزيمة ساحقة على يد عبد الرحمن الداخل. وإلى جانب ذلك اشترك بعض العرب الساخطين على الداخل فى مؤامرة دنيئة مع الزعيم النصرانى شارلمان ضد عبد الرحمن الداخل، ولكن أهل مدينة سرقسطة قاموا بمواجهة هؤلاء العرب الخائنين فباءت مؤامرتهم بالفشل. ولصمود الأمير الأموى عبد الرحمن الداخل أمام العقبات التى اعترضت طريقة أعجب به الخليفة المنصور ولقبه بـ «صقر قريش». واستقر الأمر فى الأندلس فى النهاية إلى الأمويين، واستمرت الدولة الأموية حتى عام 422هـ ، مرت خلالها الدولة بفترات قوة وضعف، وفيما يلى قائمة بأسماء حكام الأندلس من بنى أمية:
1- عبد الرحمن بن معاوية (الداخل) 138 هـ
2- هشام الأول بن عبد الرحمن 172 هـ
3- الحكم بن هشام 180 هـ
4- عبد الرحمن الأوسط بن هشام 206 هـ
5- محمد بن عبد الرحمن 238 هـ
6- المنذر بن محمد 273 هـ
7- عبد الله بن محمد 275 هـ
ظهرت بعض الاقطاعات القوية فى هذه الفترة كإقطاعية بنى حجاج بإشبيلية وذى النون بالولايات الغربية وقد أعادها عبد الرحمن الناصر إلى الطاعة.
8- عبد الرحمن الثالث (الناصر) بن محمد 350 هـ
9- الحكم بن عبد الرحمن 366 هـ
10- هشام (الثانى) بن الحكم 366 - 399 هـ
وفى عهد هشام استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن سقطت الخلافة الأموية عام 422 هـ وبدأ عهد ملوك الطوائف. وكان لعبد الرحمن الداخل دور حضارى كبير فى فترة حكمه بالأندلس فقد جّمل مدينة قرطبة، وأحاطها بسور ضخم وحفر قناة تمدها بالماء العذب وشيد بها المبانى الضخمة والحمامات وأكثر من البساتين على ضفة الوادى الكبير وابتنى بظاهرها قصراً كبيراً أسماه «الرصافة» وكان هذا القصر شرقى المظهر فقد حفلت حديقته بالنبات الشرقى. ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذى لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال وقد أنفق عليه نفقات كثيرة كما فعل أجداده وهم يشيدون المسجد الأموى فى دمشق. واهتم عبد الرحمن الداخل بشئون الزراعة فشق الترع وأنشأ الطرق، كما اهتم بالشئون العلمية فبنى المدارس فى عواصم الأندلس، وشجع العلماء والطلاب مما جذب لبلاده كثيرًا من طلاب العلوم من أوروبا ومن مصر والشام والعراق. وفى عام 172 هـ توفى عبد الرحمن الداخل، وولى الحكم بعده ابنه هشام، وروى عنه أنه كان محبًا للخير والعدل، يتخذ من عمر بن عبد العزيز نموذجًا يحتذى، ويقول العبادى فى «تاريخ الأندلس» إنه كان يرسل من يثق فيهم من رجاله إلى كور (حدود) الأندلس ومدنها يسألون الناس عن أحوالهم وسيرة عماله فيهم، فإذا انتهى إليه أن أحدهم أسرف على الرعية حل عليه سخطه وعزله عن عمله. وحرص هشام بن عبد الرحمن علىنشر اللغة العربية والعناية بها والتى أصبحت لغة التدريس فى كل مدارس الأندلس بما فيها مدارس اليهود. ويعد القرن الهجرى الرابع أزهى عصور المسلمين بالأندلس وخاصة خلال فترة حكم عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد (عبد الرحمن الناصر) والذى حكم من عام 300 - 350 هـ ، فأثبت أنه أكفأ الحكام وأحرز نجاحًا تامًا فى ميدان السياسة والحضارة. و كانت قرطبة فى عهده تنار بالمصابيح ليلاً ويستضئ الماشى بسرجها (16) كم لا ينقطع عنه الضوء، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وتذكر المصادر المختلفة أن الحضارة الإسلامية فى الأندلس شملت عدة اتجاهات وحوت أكثر ألوان المعرفة أو كلها ويقسمها بعض المؤرخين إلى قسمين:
الحضارة الفكرية والحضارة العمرانية.
- ففى مجال الفكر والعلوم الشرعية انتشر المذهب المالكى فى الأندلس وخاصة فى فترة حكم هشام بن عبد الرحمن ومن فقهاء وعلماء الأندلس المشهورين بقى بن مخلد، والإمام ابن حزم الأندلسى والإمام أبو القاسم الشاطبى وأبو الوليد السياجى والإمام المنذر بن سعيد البلوطى الذى كانت له مواقف رائعة مع عبد الرحمن الناصر. ونهضت الأندلس نهضة كبرى فى مجال العلوم العقلية والعملية والطبيعية من رياضة وطبيعة وفلك وطب. ومن العلماء المشهورين فى الأندلس عباس بن فرناس صاحب أول محاولة للطيران فى التاريخ. ومن أبرز علماء الفلك إبراهيم بن يحيى النقاش ونبغ فى الطب أحمد بن إياس الذى تمهر فى علم الأدوية وتصنيفها. وأما فى مجال الأدب والفن فقد برز فى علوم اللغة العربية وآدابها كثير من رجال الأندلس، وقد طبقت شهرتهم الآفاق ومن هؤلاء ابن مالك صاحب الألفية المشهورة فى علم النحو والصرف، وابن عبد ربه صاحب «العقد الفريد». وتنوعت نواحى العمران التى عنى بها المسلمون بالأندلس، بل إن مظاهر الحضارة العمرانية أبرز من مظاهر الحضارة العلمية، وتمثلت أروع مظاهر العمران فى الأبنية الضخمة من مساجد ومدن وقصور تدل على تميز العمارة الإسلامية، فنشاهد فى الأندلس مسجد قرطبة، ومدينة الزهراء التى بناها الناصر، وقصرى طليطلة والمأمون، وقصر الجعفرية فى سرقسطة ولقد تغنى الشاعر الفرنسى «فيكتور هوجو» بمدينة الزهراء فى قصيدة طويلة. وفى عام 366 هـ تولى حكم الأندلس هشام الثانى بن الحكم وهو آخر حكام بنى أمية فى الأندلس، فلقد سيطر على الحكم فى عهده المنصور بن أبى عامر الذى أسس الدولة العامرية. وفى عام 422 هـ سقطت الخلافة الأموية بالأندلس وبدأ عصر ملوك الطوائف.
شريط الأحداث
- 138 هـ قفز عبد الرحمن الداخل من الشمال الإفريقى إلى الأندلس وبدأ تأسيس الدولة الأموية هناك.
- 138 هـ انتصر عبد الرحمن الداخل على يوسف الفهرى الوالى العباسى فى موقعة «المصارة» واستطاع دخول قرطبة وإعلان الحكم الأموى للأندلس.
- 142 هـ حاول عبد الرحمن الفهرى استرداد نفوذه بالأندلس فجمع جيشًا حوله وأعلن العصيان، وأراد غزو قرطبة، فسار إليه عبد الرحمن الداخل وتمكن من هزيمته.
- 147 هـ قام العلاء بن مغيث -بتحريض من العباسيين- بمناهضة عبد الرحمن الداخل، وقام بالثورة، وبعد معارك ضارية استطاع الانتصار عليه، وقتل العلاء بن مغيث، ولم يحاول بعدها العباسيون التدخل فى شئون الأندلس.
- 161 هـ حدثت مؤامرة الخيانة على عبد الرحمن الداخل، إذ تآمر حاكم سرقسطة سليمان بن يقظان الأعرابى مع شارلمان حاكم الفرنجة، ولكن أهالى سرقسطة قاموا بثورة ضد الحاكم الخائن وحليفه النصرانى، وباءت المؤامرة بالفشل.
- 172 هـ توفى عبد الرحمن الداخل، وخلفه فى الحكم ابنه هشام بن عبد الرحمن الذى حكم مدة ثمانية أعوام (172-180).
- 174 هـ حدث خلاف بين هشام وأخيه سليمان، وقد أخذ سليمان لنفسه البيعة فى طليطلة، ولكنه هزم أمام هشام ونفى إلى المغرب.
- 181 هـ حدثت ثورة أهل طليطلة على الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ولكنه تمكن من إخمادها بحيلة تمكن -من خلالها- من القضاء على الثوار.
- 206 هـ توفى الحكم بن هشام، وخلفه ابنه عبد الرحمن الذى عرف بإسم عبد الرحمن الأوسط، وفى عهده استتب الأمن، وساد النظام فانصرف إلى العلم والبناء، والإهتمام بشئون الدولة،و اعتنق فى أيامه الإسلام عدد كبير من النصارى الأسبان.
- 228 هـ أغار الفرنجة على الأندلس عن طريق البحر، فأغاروا على شذونة ومنها إلى أشبيلية، وهزموا المسلمين عدة مرات، وأرسل عبد الرحمن الأوسط قوة لأهل أشبيلية، قاتلت الفرنجة الذين تراجعوا حتى قهروا.
- 238 هـ توفى عبد الرحمن الأوسط ، وخلفه ابنه محمد الأول، وحدثت فى عهده عدة ثورات فى شمالى الأندلس فى برشلونة وطليطلة، فارسل إليها حملات أحرزت النصر.
- 300 هـ ولى حكم الأندلس عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله (عبد الرحمن الناصر) وقد ازدهرت الدولة الأموية فى عهده ازدهاراً كبيراً كما أعلن نفسه خليفة على الأندلس بعد أن رأى استبداد الأتراك بالخلافة العباسية.
- 322 هـ بنى عبد الرحمن الناصر أسطولاً مؤلفًا من مائتى سفينة، وتسابقت رسل دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى مقر حكمه تقدم له الإحترام.
- 335 هـ بنى عبد الرحمن الناصر مدينة سالم، وتقع شمال شرقى مدريد، كما بنى مدينة «المرية» على ساحل البحر المتوسط لتكون قاعدة للأسطول الأندلس.
- 350 هـ توفى عبد الرحمن الناصر بعد أن وطد أركان البلاد، وخلفه ابنه الحكم الثانى الذى تلقب باسم المستنصر بالله، وكانت أيامه هادئة والبلاد مستقرة على أسس ثابتة ازدهرت فيها العلوم ونعمت بالعمران.
- 350 هـ تعرضت سواحل بحر الغرب (المحيط الأطلسى) بالأندلس إلى غارات النورمان المجوسى، وقد تركزت غاراتهم على منطقة لشبونة. والنورمان هؤلاء أصلهم من الدانمارك، وأقام بعضهم فى جنوبى إيطاليا واستعملتهم الكنيسة للهجوم على المسلمين.
- 366 هـ توفى الحكم المستنصر بالله بن عبد الرحمن الناصر، وقيل عنه انه كان من خيار الخلفاء وعلمائهم وكان محبًا للعلماء محسنًا إليهم.
- 366 هـ - 399 هـ كانت فترة حكم هشام بن الحكم المستنصر، وكان قد سيطر على الحكم فى عهده المنصور بن أبى عامر وأسس الدولة العامرية. ثم استمرت فترة الفتنة (399 - 422 هـ) حتى سقطت الأمويون وخلافتهم، وبدأ عصر الطوائف.تعريفات :: (( في الدولة الأموية بالأندلس في عصر الدولة العباسية ))
عبد الرحمن الداخل ::
هو عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان الأموى، المُلقّب بصقر قريش ويعرف بالداخل لأنه أول من دخل الأندلس من ملوك الأمويين.ولد عبدالرحمن فى دمشق، ونشأ يتيمًا، حيث مات أبوه وهو صغير فتربَّى فى بيت الخلافة. ولمَّا انقرض مُلك الأمويين فى الشام وتعقَّب العباسيون رجالهم بالفتك، والأسر أفلت عبد الرحمن، وأقام فى قرية على الفرات إلى أن انتقل إلى الأندلس سنة (138هـ).وقد تجمَّع الأمويون فى الأندلس حول عبدالرحمن وخاض بهم المعارك ضد أعدائه ودخل قرطبة واستقرَّ بها وبنى فيها قصرًا، وعدة مساجد.
وحينما اطمئن له أهل الأندلس أعلن استقلال إمارته وقطَع خطبة العباسيين والدعاء لهم على المنابر.ولصمود عبد الرحمن أمام العقبات التى اقتحمت طريقه لقّبه الخليفة المنصور (صقر قريش). وقال عنه ابن الأثير:إنه كان حازمًا سريع النهضة فى طلب الخارجين عليه لا يخلد إلى راحة ولا يَكِلَ الأمور إلى غيره ولا ينفرد برأيه، شجاعًا، مقدامًا شديد الحذر، سخيًا، لَسِنًا، شاعرًا عالمًا، يُقاس بالمنصور فى حزمه وشدته وضبطه الملك.
و توفى عبدالرحمن الداخل فى قرطبة سنة (172هـ) ودفن بقصرها.
تعريف قرطبة ::
الموقع الجغرافى:
ـ تقع مدينة قرطبة على دائرة عرض (38ْ) شمال خط الاستواء وكانت عاصمة الأندلس (أسبانيا حاليا).
ـ ويحدها من الشمال مدينة ماردة، ومن الجنوب مدينة قرمونة، ومن الشرق الوادى الكبير، ومن الغرب مدينة أشبيلية.
تاريخ قرطبة:
ـ فتح المسلمون الأندلس على يد طارق بن زياد سنة (92هـ) من قبل الدولة الأموية، فى عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك بن مروان.
ـ وبعد سقوط الدولة الأموية انتقلت الأندلس إلى حكم الدولة العباسية سنة (132هـ).
ـ وفى سنة (138هـ) استرد عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش فاعاد بناء الدولة الأموية من جديد فى الأندلس.
ـ وقوى أمر المسلمين فى الأندلس فى عهد هشام بن عبد الرحمن الداخل، ومن بعده عبدالرحمن بن هشام الملقب بالأوسط، حيث استتب الأمر فى عهده وساد النظام، فانصرف إلى العلم والبناء، والاهتمام بشئون الدولة، ودخل فى عهده كثير من النصارى الإسلام.
ـ وبلغت الدولة الإسلامية فى الأندلس أوج عظمتها فى عهد أميرها عبد الرحمن الناصر أشهر حكام الدولة الأموية فى الأندلس وبانى قصر الزهراء.
ـ وبعد وفاة الحكم بن عبد الرحمن الناصر تولى الأمر الحاجب المنصور بن أبى عامر، وبعد وفاة المنصور، وابنه توالت الفتن، وظهر عصر ملوك الطوائف الذين كانت المنازعات بينهم من أكبر أسباب ضياع الأندلس.
ـ وكان أشهر ملوك الطوائف المعتمد ابن عباد الذى استنجد بيوسف بن تاشفين عندما ضغط عليه النصارى.
ـ فقام يوسف بن تاشفين بتوحيد بلاد الأندلس مرة ثانية واستطاع أن ينتصر على النصارى فى موقعة الزلاقة.
ـ ومع ظهور دولة الموحدين فى المغرب وظهور الخلافات بينها وبين المرابطين ضعفت دولة المرابطين، وظهر ملوك الطوائف مرة ثانية فى الأندلس.
واستنجد الأندلسيون بعبد المؤمن بن على مؤسس دولة الموحدين واستطاع الموحدون أن يسترجعوا بعض المدن التى وقعت فى قبضة النصارى سنة (544هـ).
ـ وفى عهد بنى الأحمر سقطت الأندلس نهائيا فى عهد الأمير أبوعبدالله الأحمر سنة (897هـ 1492م).
آثار ومعالم قرطبة:
ـ قصر قرطبة القديم الذى اتخذه عبدالرحمن الداخل مقرا له، وزينه، وحسنه.
ـ وقصر الرصافة، أنشأه عبد الرحمن الداخل، وأحاطه بالبساتين.
ـ والمسجد الجامع، الذى بدأه عبد الرحمن الداخل، وأتمه ابنه هشام، وتعهده من بعده الأمراء بالتجميل والزيادة.
ـ ونهر قرطبة الكبير.
ـ وحمامات قرطبة، وكان يوجد بها (900) حمام.
ـ ومدينة الزهراء، وهى إحدى ضواحى مدينة قرطبة التى بناها عبد الرحمن الناصر .
ـ ودار الروضة، وهى قصر عبد الرحمن الناصر، وجلب إليه الماء من الجبل.
ـ ومن أهم أعلام قرطبة، ابن حزم (على بن أحمد الأندلسى)، والفقيه زياد بن عبد الرحمن، والفقيه يحيى بن الليث، وأبوالقاسم الشاطبى.
دولة الأغالبة : (( مازلنا في الدولة العباسية ))
تُنسب دولة الأغالبة إلى الأغلب بن سالم التميمى وكان واليًا لأفريقيا سنة 148 هـ من قبل أبى جعفر المنصور. أما مؤسس دولة الأغالبة فهو إبراهيم بن الأغلب الذى ولى إفريقيا فى عهد هارون الرشيد عام 184 هـ / 800م. ويعد هذا التاريخ هو بدء استقلال الأغالبة عن الدولة العباسية، وقد عمل الرشيد على دعم إبراهيم حتى لا يستقل نهائيًا كباقى الإمارات. وقد واجه إبراهيم بن الأغلب عدة ثورات قامت ضده، تمكن من إخمادها وتثبيت أركان دولته الناشئة، وكان من أهمها ثورة حمديس الكندى فى المغرب الأدنى، وثورة أهل طرابلس سنة 189 هـ. ومات إبراهيم بن الأغلب سنة 196هـ بعد أن ترك إمارة قوية خلفه فى حكمها ابنه عبد الله أبو العباس وكان سئ السيرة فقد اشتد مع الناس وزاد فى الضرائب. وفى عام 201 مات عبد الله أبو العباس واستراح الناس من حكمه وولى الإمارة زيادة الله ابن الأغلب، وقد شهدت دولة الأغالبة فى عهده أزهى أيامها، رغم أنه ظل لفترة منشغلاً بإخماد ثورة منصور بن نصير الذى حاصر القيروان وهدد وجود الدولة، إلا أن زيادة الله تمكن من الانتصار عليه. ويعد فتح «صقلية» أهم إنجاز حققه زيادة الله ابن الأغلب فقد جهز جيشًا كبيرًا بإمرة قاضى القيروان أسد بن الفرات سنة212هـ. ففتح الله لهم جزءًا كبيرًا من الجزيرة، ولم يتوغلوا فيها بسبب وفاة القائد أسد بن الفرات ومساعدة الروم، فجاءت للمسلمين نجدات من القيروان والأندلس وتوغل المسلمون فى الجزيرة بقيادة محمد بن أبى الجوارى. وفى عام 221 هـ توفى زيادة الله ابن الأغلب وخلفه أخوه أبو عفان الأغلب بن إبراهيم الذى قام بعدة إصلاحات فقد أزال المظالم ومنع الخمر، وحقق بعض ا لإنجازات العسكرية بفتح بعض حصون «صقلية» وهزيمة أسطول رومى جاء لمحاصرة الجزيرة، وتوفى أبو عفان سنة 226هـ وخلفه ابنه أبو العباس محمد الأول. وظلت دولة الأغالبة قائمة يتعاقب عليها أمراء البيت الأغلبى حتى قضى عليها الفاطميون سنة 296هـ / 909م.
تعريفات :: (( في دولة الأغالبة في عصر الدولة العباسية ))
مدينة القيروان ::
الموقع الجغرافى:
تقع مدينة القيروان فى الجمهورية العربية التونسية وهى تبدو كالسراب، وسط الصحراء بعيدًا عن الساحل، وعن طرق المواصلات.
تاريخ القيروان:
ـ تعتبر مدينة القيروان أول مدينة إسلامية فى المغرب العربى، حيث فتحها الفاتح المسلم عقبة بن نافع سنة (49هـ 669 م) حينما كان يغزو أفريقيا.
ـ والواقع أن القيروان عاشت قرونًا عدة متقلبة بين الأمجاد والمآسى فقد شهدت أشهر قادة العرب يأتون من الشرق على رأس جحافل جيوش فى طريقهم إلى المغرب، والأندلس، وشهدت
أولا : الدولة الأموية :
تنسب الدولة الأموية إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وكان سيداً من سادات قريش فى الجاهلية.. وكان بنو أمية من المتأخرين فى دخول الإسلام إذ أسلم أبو سفيان بن حرب عند فتح مكة.
ولكن بعد إسلامهم أبلوا فى خدمة الإسلام بلاءً حسناً وكان لهم دور كبير فى عدد من الأحداث الجسام أذكر منها دورهم البطولى فى حروب الردة، كما ساهم بنو أمية فى نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية.
وقد كانت نشأة الدولة الأموية قصة تاريخية مشهورة إذ كان التمهيد لبدايتها فتنة شديدة قامت بين رابع الخلفاء الراشدين سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه ومعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما حين عارض معاوية خلافة على بن أبى طالب بحجة أن علياً تهاون فى الدفاع عن عثمان بن عفان رضى الله عنه .
وأسفرت هذه الفتنة عن معارك عنيفة بين الجانبين استمرت حتى يوم 17 رمضان سنة 40 هجرية حين قتل أحد الخوارج الخليفة الراشد سيدنا على بن أبى طالب ..
وكان من الممكن أن تستمر هذه المحنة طويلاً لولا أن الحسن بن على الذى بويع بالخلافة بعد أبيه رضى الله عنهما تنازل عنها لمعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما حقناً لدماء المسلمين وتوحيداً لكلمتهم .. وقد كان ذلك فى عام 41 هـ الذى سمى بعام الجماعة.. وهو يعد البدء الحقيقى للدولة الأموية التى بدأت بالتحديد حين أخذت البيعة لمعاوية بن أبى سفيان بالكوفة فى حضور الحسن والحسين رضى الله عنهما يوم 25 ربيع الأول عام 41 هجرياً
تعريفات :
تعريف معاوية بن أبي سفيان
هو معاوية بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى، من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومؤسس الدولة الأموية فى الشام..
أسلم يوم فتح مكة سنة (8هـ)..
وتعلم الكتابة والحساب وكان من كُتَّاب النبى صلى الله عليه وسلم وروى عنه (130) حديثًا.. وروى عنه بعض الصحابة منهم: ابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن الزبير وأبو الدرداء رضى الله عنهم..
وحينما ولى أبوبكر الصديق رضى الله عنه بعثه مع أخيه يزيد بن أبى سفيان إلى الشام، ولما مات يزيد استخلفه على دمشق، وأقرَّه عمر رضى الله عنه على دمشق، وفى خلافة عثمان رضى الله عنه جَمع له الديار الشَّامية كلها، وجعل ولاة أمصارها تابعين له..
ولمَّا قُتل عثمان بن عفان وولى الخلافة على بن أبى طالب خرج عليه معاوية، ونشبت الحروب بينهما انتهت بقتل على رضى الله عنه ثم تنازل له الحسن بن على رضى الله عنه منعًا لوقوع الاختلاف بين المسلمين وكان ذلك سنة (41هـ)..
ودامت لمعاوية الخلافة إلى أن بلغ سن الشيخوخة فعهد بالخلافة إلى ابنه يزيد..
وقد بلغت فتوحات معاوية بن أبى سفيان المحيط الأطلنطى، وافتتح عامله بمصر بلاد السودان سنة (43هـ)، وهو أول مسلم ركب بحر الروم للغزو..
وفى أيامه فُتح كثر من جزائر يونان، و الدردنيل ، وحاصر القسطنطينية برًا وبحرًا سنة (48هـ)، وهو أول من جعل دمشق مقرًا لخلافته، وهو أول من اتخذ الحجاب فى الإسلام، وأول من نصب المحراب فى المسجد..
كذلك يعتبر معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه أول من خالف قاعدة الشورى فى الخلافة،حيث عهد بالخلافة لابنه من بعده، وتوفى معاوية بن أبى سفيان فى دمشق سنة (60هـ)..
ثانيا :الدولة العباسية ::
تنسب الدولة العباسية إلى العباس بن عبد المطلب عم النبى (صلى الله عليه وسلم). وبنو العباس هم الفرع الثانى من بنى هاشم، أما الفرع الأول فهم العلويون أبناء الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه. وكان لتأسيس الدولة العباسية قصة طويلة، بدأت بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما طالب بنو هاشم بإسناد الخلافة إلى أهل الرسول (صلى الله عليه وسلم) وذويه، ولم يكتب لهم النجاح بإجماع المسلمين على خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه والخلفاء الراشدين من بعده. ومع هذا لم ينس بنو هاشم مطلبهم خاصة بعد أن آلت الخلافة إلى بنى أمية. ومن مدينة «الكوفة» بالعراق بدأ العباسيون يخططون لدولتهم فى سرية تامة وأخذوا يرسلون الدعاة إلى بلاد فارس وخراسان، وحتى لا يثيروا العلويين ضدهم نادوا فى البداية بالدعوة للرضا من آل محمد (صلى الله عليه وسلم) وهكذا اشترك جميع بنى هاشم فى بناء الدولة عباسيين وعلويين، إلا أن بنى العباس استطاعوا بدهائهم أن يستأثروا وحدهم بالسلطة. والحق يقال ان هناك عدة عوامل ساعدت على قيام الدولة العباسية، فإلى جانب التخطيط الجيد والسرية، أحسن العباسيون اختيار الدعاة والرجال الذين أقاموا الدولة وأذكر من هؤلاء أبا مسلم الخراسانى أبرز الدعاة فى خراسان، و أبا سلمة الخلال كبير الدعاة بالكوفة. وكان ازدهار الدعوة العباسية وانتشارها فى خلافة عمر بن عبد العزيز فقد استقرت الأمور فى عهده، ولم يكن يميل إلى القسوة على بنى هاشم. وظل العمل الدؤوب المستمر من قبل الدعاة العباسيين حتى كانت ليلة الخميس الخامس والعشرين من رمضان سنة 129 هـ إذ ظهر العباسيون براياتهم السوداء وأعلنوا الثورة على الدولة الأموية. وانطلقت الجيوش العباسية بقيادة أبى مسلم الخراسانى وقحطبة بن شبيب تزحف على ولايات الدولة الأموية وتستولى عليها، فقد دانت خراسان كلها لأبى مسلم الخراسانى، ودانت الكوفة لقحطبة بن شبيب. وبمرور الوقت دانت كل المدن الأموية للعباسيين من أقصى الشرق حيث كابل لأقصى الغرب حيث قرطبة و أشبيلية مرورا بالقدس و الخليل و الرها وغيرهم.
وشهد عام 132 هـ بالتحديد حدثًا تاريخيًا كبيراً وهو سقوط دولة بنى أمية لتنمو وتزدهر على أرضها شجرة الدولة العباسية. وبدأ ذلك بانتقال مؤسس الدولة أبى العباس عبد الله بن محمد -المعروف بالسفاح - ومعه الأسرة العباسية إلى «الكوفة» وهناك بايعه النقباء والأمراء بالخلافة فى قصر الإمارة. ثم خرج إلى الناس فخطب فيهم وأخذ البيعة. وتم الأمر لبنى العباس بمقتل مروان بن محمد أخر خلفاء بنى أمية فى جمادى الأخرة سنة 132 هـ. والآن أريد أن أحدثكم عن أمر حيرنى، فقد اختلف إخوانى المؤرخون فى كيفية تقسيم الدولة العباسية، فبعضهم قسمها إلى عصور قوة وضعف حسب قوة الدولة ووضعها فى كل مرحلة من مراحل تاريخها، وبعضهم الأخر قسمها حسب العوامل المختلفة التى أثرت فى سيرة الدولة كسيطرة الجند والقادة على مركز الخلافة أو تأثير الدول القوية على الخلفاء. ولكنى سآخذ بالتقسيم الذى استقر عليه غالبية المؤرخين وهو تقسيم الدولة العباسية إلى ثلاثة عصور رئيسية هى:
1- العصر العباسى الأول: ويمتد فى الفترة من 132 هـ - 232 هـ ، وكان أقوى عصور الدولة العباسية.
2- والعصر العباسى الثانى: ويمتد فى الفترة 232 هـ - 590هـ وفى هذا العصر بدأت تضيع السلطة من أيدى الخلفاء، وسيطر العسكريون على الحكم.
3- وأما العصر العباسى الثالث والأخير: فيقع فى الفترة من (590 - 656هـ) وفيه انحصرت دولة الخلافة فى بغداد وما حولها بينما سيطرت الدول المستقلة على باقى عواصم الخلافة. ومن خلال هذا التقسيم يسرنى أن أحدثكم عن كل عصر على حدة، كأنه دولة مستقلة فى فترة عمر الدولة العباسية التى استمرذت من 132 هـ - 656هـ. ونبدأ من العصر العباسى الأول الذى يمتد قرنًا من الزمان منذ بداية تأسيس الدولة فى عام 132 هـ إلى عام 232هـ.
وحكم فى هذه الفترة تسعة فروع من الشجرة العباسية هم على الترتيب :
* أبو العباس السفاح ولى فى الفترة من 132 - 136 هـ
* أبو جعفر المنصور ولى فى الفترة من 136 - 158 هـ
* أبو عبد الله المهدى ولى فى الفترة من 158 - 169 هـ
* أبو محمد موسى الهادى ولى فى الفترة من 169 - 170 هـ
* هارون الرشيد ولى فى الفترة من 170 - 193 هـ
* أبو موسى محمد الأمين ولى فى الفترة من 193 - 198 هـ
* أبو جعفر عبد الله المأمون ولى فى الفترة من 198 - 218 هـ
* أبو إسحاق المعتصم ولى فى الفترة من 218 - 227 هـ
* أبو جعفر هارون الواثق ولى فى الفترة من 227 - 232 هـ
وهو أخر خلفاء الدولة فى العصر الاول وامتدت الشجرة العباسية بعده فى العصرين الثانى والثالث. ويعد العصر العباسى الأول العصر الذهبى لبنى العباس، فقد سيطر الخلفاء العباسيون خلاله على مقاليد السلطة، ورغم ظهور بعض الدول المستقلة وأهمها الدولة الأموية بالأندلس ودولة الأدارسة بالمغرب والدولة الرستمية في الجزائر ودولة الأغالبة فى تونس، إلا أن الدولة ظلت متماسكة حتى نهاية هذا العصر. وكانت تجمع هذه الدول جميعًا راية الإسلام وتربطهم حضارة واحدة هى الحضارة الإسلامية التى قامت على الوحدانية المطلقة لله، والإستقامة على منهجه، وآمنت بالمبادئ الإنسانية مثل التسامح الدينى والمساواة العنصرية والقيم الرفيعة مثل الأخلاق الحربية والرفق بالحيوان والوعى بالزمن، وقد أثبت التاريخ أنها حضارة إنسانية عالمية.
ونعود إلى العصر العباسى الأول وقد قلنا انه أزهى عصور الدولة العباسية ورغم ذلك فقد توقفت فيه الفتوحات الإسلامية الكبيرة ويرجع هذا إلى عدة أسباب منها انشغال العباسيين بالصراعات الداخلية مع العلويين فى العراق والحجاز ومع الأمويين فى الأندلس بالإضافة إلى الصراع المستمر مع الخوارج. ولا يكاد يوجد غزو أو فتوحات مهمة سوى فتح عمورية فى بلاد الروم بقيادة المعتصم، وفتح صقلية بقيادة الفقيه القائد أسد بن الفرات، بالإضافة إلى فتح بعض الثغور والقرى الصغيرة فى العمليات العسكرية التى كانت تسمى بـ «الصوائف والشواتى».
والحق يقال ان عهد هارون الرشيد الذى ولى الخلافة من عام 170 هـ وحتى عام 193 هـ يعد أقوى وأزهى فترات الدولة العباسية فى جميع عصورها، فقد استطاع بشخصيته القوية أن يقضى على حركات النزاع على الحكم التى تضعف الدولة، وكان الرشيد كثير الغزو لبلاد الروم مما أدى الى تأمين الحدود الخارجية للدولة وبذلك استتب الأمن واستقرت الأحوال، ونظم العباسيون شئون الحكم وطوروا فى مؤسسات الدولة التى كانت موجودة قبل ذلك فاهتموا بتنظيم الجيش وتحديد رتبه وقياداته، وكذلك الشرطة لحفظ الأمن الداخلى، وتطورت مؤسسة القضاء وأضيف إليها منصب قاضى القضاة وهو الذى كان يباشر بنفسه مع الخليفة أحكام ديوان النظر فى المظالم، ونتيجة للإستقرار الإقتصادى اهتم العباسيون بتطوير دواوين الخراج والسكة.. وجعلوا الوزارة منصبا رسميا لأول مرة.
ومع استقرار الدولة بدأت تظهر نتائج الحضارة الإسلامية فى العلوم والمعارف والفنون. ولكي أحدثكم عنها فسوف آخذكم فى جولة سريعة لزيارة آثار العباسيين فى العمارة وخاصة فى مدينة «بغداد» التى بناها المنصور سنة 146 هـ والتى نشاهد فيها روائع العمارة الإسلامية فى العصر العباسى الأول وخاصة «قصر الأخيضر» الذى يعد أجمل وأروع القصور العباسية ولا يضاهيه فى الجمال سوى «قصر المعتصم» فى «سامراء» وهى العاصمة الثانية للخلافة العباسية، وأما عن «عمارة المساجد» فنلاحظ التطور الذى حدث فيها فى «المسجد الجامع» فى «سامراء» والذى يتميز بتصميم فريد لم يظهر من قبل وخاصة فى مئذنته الحلزونية الشهيرة، والزائر للمسجد يلاحظ تقنية الصوتيات المعمارية المتقدمة. وفى الآثار المعمارية للعباسيين نشاهد روائع الفن الإسلامى فى ذلك العصر فنرى ونشاهد «التصوير الجدارى» فى القصور العباسية بالإضافة إلى الزخارف الجصية من خلال فن «النحت على الحجر» برسم تفريعات نباتية ذات أوراق كبيرة كما ظهر فن «النحت على الخشب» فى قطعة خشبية عثر عليها علماء الآثار فى سامراء. وينسب إلى أوائل العصر العباسى مجموعة من الأوانى الخزفية التى ظهرت فيها ابتكارات المسلمين فى «فن الخزف».
ومن جماليات العمارة والفن إلى ثراء العلم والفكر، فمن مفاخر العصر العباسى الأول أنه ظهر فيه حشد كبير من العلماء فى مختلف العلوم والفنون والآداب، ويكفى هذا العصر فخراً أنه اجتمع فيه أئمة «الفقه» الأربعة أصحاب المذاهب الفقهية المعروفة وعلى رأسهم الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان وفقيه «المدينة» الإمام مالك بن أنس والإمام الشافعى والإمام الممتحن أحمد بن حنبل وظهرت فى الفقه الإسلامى مدرستان علميتان كبيرتان هما مدرسة أهل الرأى فى العراق، ومدرسة أهل الحديث فى المدينة المنورة. وحفل هذا العصر أيضًا بأئمة علوم القرآن وعلوم اللغة العربية فظهر منهم سيبويه والخليل بن أحمد وأبو عمرو بن العلاء والإمام الفراء والكسائى وظهرت فى علوم اللغة أيضًا مدرستان علميتان هما: مدرسة «البصرة»، ومدرسة «الكوفة». وفى التاريخ ظهر أول تاريخ كامل للسيرة النبوية الشريفة فى كتابى «سيرة ابن هشام» وكتاب «الطبقات الكبرى» لمحمد بن سعد. وأما عن تطور العلوم فى العصر العباسى الأول، فقد انتقلت العلوم من مرحلة التلقين الشفوى إلى مرحلة التدوين والتوثيق فى كتب وموسوعات، وظهرت أول مؤسسة علمية من نوعها وهى «دار الحكمة» التى تأسست فى عهد الرشيد ووصلت إلى أوج نشاطها العلمى فى التصنيف والترجمة فى عهد المأمون، ومن الجدير بالذكر أن المسلمين لم يكتفوا بمجرد الترجمة بل كانوا يبدعون ويضيفون إلى كل علم يترجمونه وكانت «المجالس والندوات العلمية» منتدىً خصبًا للحوار بين العلماء. ومن الإنجازات العلمية المهمة فى هذا العصر المرصد الفلكى الذى شيده الخليفة المأمون فى بغداد،وكان أكبر المراصد الفلكية فى هذا العصر، وقد عمل فيه أكبر علماء «الفلك» المسلمين وقد تمكنوا -من خلاله- من تفسير ظاهرة الجاذبية، وتعيين خط العرض وقياس طول محيط الارض وقد ساعدهم فى هذا علماء الجغرافيا و الهندسة، ولا أنسى جهود العلماء المسلمين فى العلوم الطبية وخاصة علم التخدير وطب العيون.
وقد كان للعديد والعديد من العواصم والمدن الكبرى إشعاع حضارى وعلمى ذو بريق، ومنها مكة والمدينة بالحجاز، والفسطاط والإسكندرية فى مصر، وفاس والقيروان بالمغرب، وحلب ودمشق فى الشام، ومدن ما وراء النهر كبخارى وطشقند وخوارزم وسمرقند، ونيسابور فى خراسان، وأشبيلية وقرطبة فى الأندلس، بالإضافة إلى بغداد عاصمة الخلافة. وأخيراً أحب أن أشير إلى عشرات الشخصيات البارزة فى العصر العباسى الأول الذين بنوا هذه الدولة وكانوا صناع حضارتها وتركوا لنا أمثلة رائدة وقدوة حقيقية فى الإيمان والجهاد والعمل، ولأن الحديث عنها قد يطول ويطول. داعيًا الله عز وجل أن تستمتعوا معى بالرحلة وتأخذوا منها العبرة والفكرة والذكرى الطيبة العطرة.
تعريفات :: (( في الدولة العباسية ))
أبو العباس السفاح :
هو أبو العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أول خلفاء بنى العباس. ولد سنة ثمان ومائة بالحميمة، ونشأ بها. حدَّث عن أخيه إبراهيم بن محمد الإمام، وروى عنه عمه عيسى بن على، وكان أصغر من أخيه المنصور. وقال بعض المشايخ عنهم: والله لقد أفضت الخلافة إلى بنى العباس وما فى الأرض أحد أكثر قارئاً للقرآن ولا أفضل عابدًا ولا ناسكًا منهم. وبويع بالخلافة فى ثالث ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وصلى بالناس الجمعة. وكان السفاح سريعًا إلى سفك الدماء، فأتبعه فى ذلك عماله بالمشرق والمغرب، وكان مع ذلك جوادًا بالمال. قال الصولى: وكان السفاح أسخى الناس، ما وعد يمترةً فأخرّها عن وقتها، ولا قام من مجلسه حتى يقضيها. وكان نقش خاتمه الله ثقة عبد الله وبه يؤمن. ومن كلامه: إن من أدنياء الناس ووضعائهم مّنْ عَدّ البخل حزمًا، والحلم ذلاً. ومات السفاح بالجُدرِىِّ فى ذى الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وكان قد عهد إلى أخيه أبى جعفر المنصور.
أبوجعفر المنصور ::
هو أبوجعفر المنصور عبدالله بن محمد بن على بن عبدالله بن عباس، ثانى خلفاء بنى العباس. ولد المنصور فىالحميمة فى أرض الشراة قرب معان سنة(95هـ)، وأمه بربرية تُدعى سلاّمة. وكان المنصور عارفًا بالفقه والأدب، مقدمًا فى الفلسفة والفلك محبًا للعلماء.ولى الخلافة بعد وفاة أخيه السفَّاح سنة (136هـ)، وأمر بتخطيط وبناء مدينة بغداد سنة (145هـ)، وجعلها دار ملكه بدلاً من الهاشمية التى بناها السفَّاح. وقَتل المنصور خلقًا كثيرًا حتى استقام له الملك، وكان من بينهم أبو مسلم الخراسانى، كما آذى كثيرًا من العلماء منهم أبو حنيفة. وفى عهده شرع علماء الإسلام فى تدوين الحديث، والفقه، والتفسير. ومن آثاره التى بناها مدينة المصيص، والرافقة بالرقة. وشرع العرب أيامه يطلبون علوم اليونان والفرس، وعُمل فى عهده أول اسطرلاب فى الإسلام صنعه محمد بن إبراهيم الغزارى. وتوفى المنصور فى بئر ميمون من أرض مكة سنة (158هـ) ودفن فى الحجون بمكة وكانت مدة خلافته(22) سنة.
أبو عبدالله محمد المهدي ::
هو أبوعبدالله محمد بن عبدالله المنصور بن محمد بن على العباسى، المهدى بالله.من خلفاء الدولة العباسية بالعراق.ولدالمهدى بإيذج من كور الأهواز سنة (127هـ).وقد ولىالخلافة بعد وفاة أبيه وبعهد منه سنة (158هـ ). وكان المهدى محمود السيرة محببا إلى الرعية،حسن الخلق والخلق، جوادًا، وكان يجلس للمظالم إلا حياءً منهم لكفى.وفى عهده فتحت إربد من الهند وكثرت الفتوح بالروم كما بنى جامع الرصافة. قال عنه الذهبى: هو أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق. وقد توفى المهدى سنة (169هـ ). وكانت مدة خلافته عشر سنين وشهرًا.
أبو محمد موسى الهادي ::
هو أبو محمد موسى الهادى بن محمد المهدى بن أبى جعفر المنصور من خلفاء الدولة العباسية ببغداد. ولد الهادى بالرى سنة (144هـ)، وولى الخلافة بعد وفاة أبيه سنة (169هـ ).وكان أبوه قد أوصاه بقتل الزنادقة فتتبعهم وقتل منهم خلقا كثيرًا، وكان الهادى أديبًا فصيحًا، تعلوه الهيبة، وله سطوة وشهامة، وكان نقش خاتمه الله ثقة موسى وبه يؤمن وقد اشتهر بكرمه وجزيل عطائه. ولما أراد خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد، ويجعلها لابنه جعفر، دبرت أمه الخيزران لقتله، حيث أمرت جواريها أن يقتلنه فخنقنه. وقد توفى الهادى مقتولا سنة (170هـ).
هارون الرشيد ::
هو أبو جعفر هارون بن المهدى محمد بن المنصور المعروف بهارون الرشيد أحد خلفاء الدولة العباسية فى العراق. ولد هارون الرشيد فى الرى سنة (148هـ)، وقداستخلف بعهد من أبيه عند موت أخيه الهادى سنة (170هـ). وكان من أفضل الخلفاء وأجل ملوك الدنيا، حيث كان يغزو عاما ويحج عاما. وكان يصلى فى خلافته فى كل يوم مائة ركعة إلى أن مات، لا يتركها إلا لعلة، ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم. وكان يحب العلم وأهله، ويعظم حرمات الإسلام، ويبغض المراء فىالدين، والكلام فى معارضة كتاب الله عز وجل، والسنة النبوية الشريفة.وفى سنة (179هـ) اعتمرهارون الرشيد فى رمضان، ودام على إحرامه إلىأن حج، ومشى من مكة إلى عرفات. وقد غزا هارون الرشيد مدينة هرقل، وبث جنوده بأرض الروم، حتى لم يبق بممالكهم فى الأسر مسلم. وأرسل شراحيل بن معن بن زائدة مفتح حصن الصقالبة وافتتح يزيد بن مخلد ملقونية، وأرسل حميد بن معيوف إلى قبرص، وسبى من أهلها ستة عشرألفا. ومن محاسنه أنه لما بلغه موت عبدالله بن المبارك جلس للعزاء وأمر الأعيان أن يعزوه فى ابن المبارك. وروى أن ابن السماك دخل على الرشيد يوما، فاستسقى، فأتى بكوز، فلما أخذه قال: على رسلك يا أمير المؤمنين، لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال بنصف ملكى،قال: اشرب هنأك الله تعالى، فلما شربها قال: أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها؟ قال: بجميع ملكى. قال: إن ملكا قيمته شربة ماء وبولة لجدير أن لا ينافس فيه، فبكىهارون بكاءً شديدا. وقد مات هارون الرشيد فى الغزو بطوس من خراسان ودفن بها فى الثالث من جمادى الآخرة سنة (193هـ)، وله خمس وأربعون سنة.
أبو موسى محمد الأمين ::
هو محمد بن هارون الرشيد بن المهدى بن المنصور، المعروف بالأمين.أحد خلفاء الدولة العباسية. ولد الأمين فى رصافة بغداد سنة (170هـ) وكان جميل الصورة شجاعا، محبًا للأدب. وقد بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه سنة (170هـ) بعهد منه. وقد ولى أخاه المأمون خراسان وأطرافها، وفى سنة (195هـ) أعلن الأمين خلع المأمون من ولاية العهد. وقد اقتتلا الأمين والمأمون مما أدى إلى مقتل الأمين وتولى المأمون الخلافة. وكان الأمين مكثرًا من إنفاق الأموال، يؤخذ عليه انصرافه إلىاللهو ومجالسة الندماء. وقد توفى الأمين مقتولا بمدينة السلام سنة (198هـ).
وله مواقف عديدة منها:
من أعز الناس
أبو جعفر عبدالله المأمون:
هو أبو العباس عبدالله بن هارون الرشيد بن المهدى بن أبى جعفرالمنصور، المعروف بالمأمون.أحد خلفاء الدولة العباسية فى العراق.ولد المأمون سنة (170هـ) وقد برع فى الفقه والعربية، واهتم بالفلسفة. ولى المأمون الخلافة بعد خلع أخيه الأمين سنة (198هـ) وقد نفذ أمره من إفريقية إلى أقصى خراسان وما وراء النهر والسند. ودخل دمشق، وكان أول من دخل مصر من الخلفاء العباسيين.وفى عهده تم ترجمة كتب الفلسفة، وحض الناس على قراءتها، وقرب العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين وأهل اللغة.وامتحن الكثير من العلماء وسجنهم، حيث كان يقول بخلق القرأن.ومن كلامه:لو عرف الناس حبى للعفو لتقربوا إلى بالجرائم.
وقد توفى المأمون فى بذندون سنة (218هـ)، ودفن فى طرسوس
المستعصم بالله :
هو أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن المهدى بن المنصور المعتصم بالله العباسى من خلفاء الدولة العباسية. ولد المعتصم بالله سنة (179هـ) وكَرِه التعليم فى صغره، فنشأ ضعيف القراءة يكاد يكون أُميًّا.بُويع بالخلافة سنة (218هـ) بعد وفاة أخيه المأمون وبعهد منه. وقد سلك مسلك المأمون فى سيرته، وفتح عَمُّورية من بلاد الروم الشرقية، وبنى مدينة سَامِرَّاء سنة (222هـ) حين ضاقت بغداد بجنده. وهو أول من أضاف اسمه إلى اسم الله تعالى من الخلفاء فقيل المعتصم بالله وكان يُقال له المُثمَّن لأنه ثامن الخلفاء من بنى العباس، وثامن أولاد الرشيد، وملك سنة ثمان عشرة، وملك ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وعاش ثمانية وأربعين سنة، وفتح ثمانية فتوح، وقتل ثمانية أعداء، وخلف ثمانية بنين وثمانية من البنات. وتُوفى المعتصم فى سامراء سنة (227هـ).
أبو جعفر هارون الواثق::
هو هارون الواثق بالله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد العباسى من خلفاء الدولة العباسية فى العراق.ولد الواثق بالله فى بغداد سنة (200هـ) وولى الخلافة بعد وفاة أبيه سنة (227هـ ( وقد أحسن الواثق لأهل الحرمين حتى قيل إنه لم يوجد بالحرمين فى أيامه سائل أى فقير. ولكنه مع ذلك امتحن الناس فى قضية خلق القرأن وآذى الإمام أحمد بن حنبل.وكانت وفاته فى سامراء سنة (232هـ).
الدولة الإدريسية (( مازلنا في الحضارة العباسية ))
تنسب الدولة الإدريسية إلى إدريس بن عبد الله بن الحسن الذى أسسها بعد فرارة من العباسيين إلى المغرب العربى سنة 172 هـ، فقد تجمعت حوله بعض قبائل البربر حتى كون منهم قوة كبيرة سيطرت من منطقة تلمسان إلى أواسط المغرب الأقصى. وفى سنة 177 هـ مات إدريس مسمومًا، ولم يكن له وريث، ولكن إحدى جواريه كانت حاملاً منه، فقام غلامه راشد بجمع القبائل الموالية على انتظار المولود وظل يحكم باسمه حتى شب الغلام وتسلم الحكم وسمى «إدريس الثانى». ويعتبر إدريس الثانى هو المؤسس الحقيقى للدولة فقد قام بعدة أعمال لتثبيت حكمه وأهمها:
1- متابعة فرض النفوذ والطاعة على القبائل البربرية فى المنطقة.
2- إنشاء مدينة فاس سنة 192 واتخاذها عاصمة للإمارة.
وفى سنة 213 توفى إدريس الثانى وله أحد عشر ولدًا، تولى أكبرهم محمد بن إدريس الإمارة، ووزع على إخوته باقى الأعمال. ومات محمد سنة 221 هـ ، وقد دب الخلاف والتخاصم بين إخوته، وخلفه من بعده ابنه علىّ الذى ما لبث أن توفى سنة 224 هـ دون أن يترك أثرًا يُذكر وخلفه أخوه يحيى. وشهدت مدينة (فاس) إزدهارًا كبيرًا فى عهد الأمير يحيى بن محمد، فقد اهتم بعمرانها، وبنى الحمامات والفنادق للتجار، وشيد فيها المسجد الجامع المعروف بـ (جامع القرويين) سنة 245 هـ؛ وهو من أشهر مساجد العالم الإسلامى حتى اليوم. وبعد وفاة يحيى بن محمد خلفه ابنه يحيى الثانى الذى كان ماجنًا؛ فثارت عليه العامة، وطردوه من الإمارة. وولى عرش الدولة بعده ابن عمه على بن عمر؛ ولم يطل حكمه طويلاً بسبب الخلافات بين البيت الحاكم، حتى استقر الأمر ليحيى بن إدريس بن عمر سنة 292 هـ. وكان يحيى بن إدريس من أعظم أمراء الأدارسة ملكًا وسلطانًا إلى أن تأسست الدولة الفاطمية بالمغرب، وأطاحت بإدريس سنة 309 هـ ، وبقيت الإمارة فى وضع هزيل تحت رحمة الفاطميين إلى أن
وجه لها الأمويون بالأندلس ضربة قاضية بالاستيلاء على ما بقى منها سنة 319 هـ
تعريف مدينة فاس ::
الموقع الجغرافى:
تقع مدينة فاس فى الشمال الإفريقى للمملكة المغربية، ويحدها من جهة الغرب نهر أبى رقراق ومن الشرق نهر إنادن ومن الشمال نهر سوبرد. وتبلغ مساحتها حوالى (5400)كم2، وهى تربط بين المغرب والأندلس أو القارة الإفريقية وأوربا، حيث تقع عند ملتقى طريقين رئيسيين، أحدهما يبدأ عند شواطىء البحر المتوسط (فى طنجة أو سبتة)، ويمتد إلى الصحراء وما وراءها إلى قلب القارة السوداء، والطريق الذى تقع عليه مدينة فاس يبدأ من المحيط الأطلسى إلى المغرب الأوسط فى الجزائر.
تاريخ فاس :
يرجع تاريخ تأسيس مدينة فاس إلى القرن (8م)، حيث قام بتأسيسها المولى إدريس مؤسس الدولة الإدريسية، ثم قام ابنه بتكريس كل جهوده فى بناء وتشييد مدينة فاس حيث أسس بها القصر الملكى، والسوق وحصنها بالأسوار، وفى القرن (11م)، تمكن يوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين من ضم المدينة إليه، وسجل بذلك بداية العصر الذهبى للمدينة. وفى عهد الموحدين فى القرن (12،13م)، شهدت المدينة مرحلة من الرخاء والتقدم؛ حيث ازدهرت بها التجارة والصناعة، خاصة صناعة الفسيفساء والنحاس، وقد أدى التقدم الاقتصادى للمدينة إلى ظهور تيارات فكرية ودينية، وبهذا بدأت المدينة تأخذ شكلها كعاصمة، وأصبح مسجد القرويين آنذاك جامعة حقيقية. وفىعهد بنى مرين عرفت مدينة فاس ازدهارًا تجاريًا كبيرًا وفى سنة(1260م) كان أول غزو صليبى للمدينة، حيث استولى عليها البرتغاليون غدرًا وغيلة، إلى أن تمكن الخليفة المرينى أبو يوسف يعقوب من إجبارهم على تركها والهرب بسفنهم عبر مياه المحيط . وفى سنة (1400م) جاء الغزو الصليبى الثانى على المغرب، وكانت أسبانيا صاحبته والمحرضة عليه. ثم جاء الغزو البرتغالى على شكل سلسلة متتابعة لمدن المغرب، بدأت من عام (1452م) إلى عام (1508م) إلى أن تمكن السعديون من طرد البرتغاليين من المغرب العربى بعد ذلك. وفى سنة (1664م) تولى مولاى رشيد حكم البلاد، وأسس فيها الدولة العلوية، التى ينحدر الملك الحسن الثانى من سلالتها. وفى سنة (1860م) جاء الجيش الفرنسى إلى المغرب، وتمكن من هزيمة المغاربة فى معركة أسلس. وفى سنة (1912م) وقعت أسبانيا وفرنسا اتفاقا يقضى بتقسيم البلاد بينهما وأعلنت فرنسا الحماية على المغرب. وقامت القبائل بتوحيد صفوفها وجهودها ضد الاستعمار الفرنسى وظهر الأمير عبد الكريم الخطابى فى الشمال وأنزل بالمستعمرين الأسبان خسائر فادحة. وفى سنة (1955م) استقلت المغرب عن فرنسا، وعاد إلى حكمها الملك محمد الخامس الذى ينتسب إلى الدولة العلوية، ثم خلفه الملك الحسن الثانى .
آثار ومعالم فاس:
مسجد الاْندلس؛ الذى بنى سنة (859م)، وهو يثير الإنتباه من خلال بوابته العجيبه المصنوعة من الأرز المنحوت.
جامعة القرويين؛ التى بنيت سنة (862م) وتتميز عمارتها الفريدة من نوعها بالدقة والجمال إذ تشكل نسقًا هندسيًا رائعًا مما جعلها مفخرة من مفاخر التاريخ الإسلامى، وهى تعتبر من أقدم جامعات العالم.
مدرسة الصهريج؛ بنيت فى القرن (14م)، وأخذت اسمها من ذلك الصهريج الموجود فيها للوضوء.
مدرسة العطارين؛ بنيت فى القرن (14م) على يد السلطان أبو سعيد المرينى، وقد خصصت لسكن الطلاب الذين يدرسون فى جامعة القرويين.
فندق التجاريين؛ الذى يعود تاريخه إلى القرن (14م)، وزين مدخله بأفاريز قمة فى الجمال، وبجانبه إحدى أجمل النافورات فى المدينة.
ساحة الصفارين؛ وهى ساحة لصناعة النحاس على الطريقة المعروفة، وهى من أشهر الصناعات العريقة فى مدينة فاس.
الدولة الأموية بالأندلس : (( ما زلنا في الدولة العباسية ))
فتحت بلاد الأندلس فى عهد الوليد بن عبد الملك بين عامى 92، 93 هـ فى الخلافة الأمُوية، عندما قام بفتحها طارق بن زياد بتوجيه من والى أفريقية موسى بن نصير، وظلت الأندلس بعد ذلك خاضعة للخلافة الأموية كإحدى الولايات الرئيسية، إلى أن سقطت الخلافة الأموية سنة 132 هـ، واتجه العباسيون إلى استئصال الأمويين. وتمكن عبد الرحمن بن معاوية (عبد الرحمن الداخل) أن يفلت من قبضة العباسيين، فهرب إلى أخواله فى الشمال الإفريقى، وأقام عندهم فترة من الزمن، ثم فكر فى دخول الأندلس ليبعد عن العباسيين، فراسل الأمويين بالأندلس، ولما أحس ببعض الاطمئنان قفز إلى هناك عام 138 هـ. فتجمع حوله الأمويون، ومن تبعهم ممن يكرهون والى العباسيين فى الأندلس يوسف الفهرى. فكوَّن عبد الرحمن الداخل من هؤلاء جيشًا كبيراً، اتجه به نحو قرطبة، فتقابل مع جيش الفهرى فى موقعة عرفت باسم «المصارة» انتهت بهزيمة الفهرى وقتله ودانت الأندلس كلها بعد ذلك لعبد الرحمن الداخل. وبعد هذا التاريخ - 138 هـ - بداية الدولة الأموية فى الأندلس والتى استمرت حتى عام 422 هـ. ولقد واجه عبد الرحمن الداخل عقبات وتحديات كثيرة من أجل توطيد الحكم الأموى بالأندلس، وخاض فترة الصراع مع دولة الخلافة العباسية، وذيولها وبعض الطامحين إلى الحكم. فلقد شجع العباسيون واليهم على أفريقية العلاء بن المغيث على إخضاع الأندلس والقضاء على عبد الرحمن الداخل، فاستجاب العلاء وعبر البحر إلى الأندلس سنة 146هـ، ولكنه منى بهزيمة ساحقة على يد عبد الرحمن الداخل. وإلى جانب ذلك اشترك بعض العرب الساخطين على الداخل فى مؤامرة دنيئة مع الزعيم النصرانى شارلمان ضد عبد الرحمن الداخل، ولكن أهل مدينة سرقسطة قاموا بمواجهة هؤلاء العرب الخائنين فباءت مؤامرتهم بالفشل. ولصمود الأمير الأموى عبد الرحمن الداخل أمام العقبات التى اعترضت طريقة أعجب به الخليفة المنصور ولقبه بـ «صقر قريش». واستقر الأمر فى الأندلس فى النهاية إلى الأمويين، واستمرت الدولة الأموية حتى عام 422هـ ، مرت خلالها الدولة بفترات قوة وضعف، وفيما يلى قائمة بأسماء حكام الأندلس من بنى أمية:
1- عبد الرحمن بن معاوية (الداخل) 138 هـ
2- هشام الأول بن عبد الرحمن 172 هـ
3- الحكم بن هشام 180 هـ
4- عبد الرحمن الأوسط بن هشام 206 هـ
5- محمد بن عبد الرحمن 238 هـ
6- المنذر بن محمد 273 هـ
7- عبد الله بن محمد 275 هـ
ظهرت بعض الاقطاعات القوية فى هذه الفترة كإقطاعية بنى حجاج بإشبيلية وذى النون بالولايات الغربية وقد أعادها عبد الرحمن الناصر إلى الطاعة.
8- عبد الرحمن الثالث (الناصر) بن محمد 350 هـ
9- الحكم بن عبد الرحمن 366 هـ
10- هشام (الثانى) بن الحكم 366 - 399 هـ
وفى عهد هشام استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن سقطت الخلافة الأموية عام 422 هـ وبدأ عهد ملوك الطوائف. وكان لعبد الرحمن الداخل دور حضارى كبير فى فترة حكمه بالأندلس فقد جّمل مدينة قرطبة، وأحاطها بسور ضخم وحفر قناة تمدها بالماء العذب وشيد بها المبانى الضخمة والحمامات وأكثر من البساتين على ضفة الوادى الكبير وابتنى بظاهرها قصراً كبيراً أسماه «الرصافة» وكان هذا القصر شرقى المظهر فقد حفلت حديقته بالنبات الشرقى. ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذى لا يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال وقد أنفق عليه نفقات كثيرة كما فعل أجداده وهم يشيدون المسجد الأموى فى دمشق. واهتم عبد الرحمن الداخل بشئون الزراعة فشق الترع وأنشأ الطرق، كما اهتم بالشئون العلمية فبنى المدارس فى عواصم الأندلس، وشجع العلماء والطلاب مما جذب لبلاده كثيرًا من طلاب العلوم من أوروبا ومن مصر والشام والعراق. وفى عام 172 هـ توفى عبد الرحمن الداخل، وولى الحكم بعده ابنه هشام، وروى عنه أنه كان محبًا للخير والعدل، يتخذ من عمر بن عبد العزيز نموذجًا يحتذى، ويقول العبادى فى «تاريخ الأندلس» إنه كان يرسل من يثق فيهم من رجاله إلى كور (حدود) الأندلس ومدنها يسألون الناس عن أحوالهم وسيرة عماله فيهم، فإذا انتهى إليه أن أحدهم أسرف على الرعية حل عليه سخطه وعزله عن عمله. وحرص هشام بن عبد الرحمن علىنشر اللغة العربية والعناية بها والتى أصبحت لغة التدريس فى كل مدارس الأندلس بما فيها مدارس اليهود. ويعد القرن الهجرى الرابع أزهى عصور المسلمين بالأندلس وخاصة خلال فترة حكم عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد (عبد الرحمن الناصر) والذى حكم من عام 300 - 350 هـ ، فأثبت أنه أكفأ الحكام وأحرز نجاحًا تامًا فى ميدان السياسة والحضارة. و كانت قرطبة فى عهده تنار بالمصابيح ليلاً ويستضئ الماشى بسرجها (16) كم لا ينقطع عنه الضوء، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وتذكر المصادر المختلفة أن الحضارة الإسلامية فى الأندلس شملت عدة اتجاهات وحوت أكثر ألوان المعرفة أو كلها ويقسمها بعض المؤرخين إلى قسمين:
الحضارة الفكرية والحضارة العمرانية.
- ففى مجال الفكر والعلوم الشرعية انتشر المذهب المالكى فى الأندلس وخاصة فى فترة حكم هشام بن عبد الرحمن ومن فقهاء وعلماء الأندلس المشهورين بقى بن مخلد، والإمام ابن حزم الأندلسى والإمام أبو القاسم الشاطبى وأبو الوليد السياجى والإمام المنذر بن سعيد البلوطى الذى كانت له مواقف رائعة مع عبد الرحمن الناصر. ونهضت الأندلس نهضة كبرى فى مجال العلوم العقلية والعملية والطبيعية من رياضة وطبيعة وفلك وطب. ومن العلماء المشهورين فى الأندلس عباس بن فرناس صاحب أول محاولة للطيران فى التاريخ. ومن أبرز علماء الفلك إبراهيم بن يحيى النقاش ونبغ فى الطب أحمد بن إياس الذى تمهر فى علم الأدوية وتصنيفها. وأما فى مجال الأدب والفن فقد برز فى علوم اللغة العربية وآدابها كثير من رجال الأندلس، وقد طبقت شهرتهم الآفاق ومن هؤلاء ابن مالك صاحب الألفية المشهورة فى علم النحو والصرف، وابن عبد ربه صاحب «العقد الفريد». وتنوعت نواحى العمران التى عنى بها المسلمون بالأندلس، بل إن مظاهر الحضارة العمرانية أبرز من مظاهر الحضارة العلمية، وتمثلت أروع مظاهر العمران فى الأبنية الضخمة من مساجد ومدن وقصور تدل على تميز العمارة الإسلامية، فنشاهد فى الأندلس مسجد قرطبة، ومدينة الزهراء التى بناها الناصر، وقصرى طليطلة والمأمون، وقصر الجعفرية فى سرقسطة ولقد تغنى الشاعر الفرنسى «فيكتور هوجو» بمدينة الزهراء فى قصيدة طويلة. وفى عام 366 هـ تولى حكم الأندلس هشام الثانى بن الحكم وهو آخر حكام بنى أمية فى الأندلس، فلقد سيطر على الحكم فى عهده المنصور بن أبى عامر الذى أسس الدولة العامرية. وفى عام 422 هـ سقطت الخلافة الأموية بالأندلس وبدأ عصر ملوك الطوائف.
شريط الأحداث
- 138 هـ قفز عبد الرحمن الداخل من الشمال الإفريقى إلى الأندلس وبدأ تأسيس الدولة الأموية هناك.
- 138 هـ انتصر عبد الرحمن الداخل على يوسف الفهرى الوالى العباسى فى موقعة «المصارة» واستطاع دخول قرطبة وإعلان الحكم الأموى للأندلس.
- 142 هـ حاول عبد الرحمن الفهرى استرداد نفوذه بالأندلس فجمع جيشًا حوله وأعلن العصيان، وأراد غزو قرطبة، فسار إليه عبد الرحمن الداخل وتمكن من هزيمته.
- 147 هـ قام العلاء بن مغيث -بتحريض من العباسيين- بمناهضة عبد الرحمن الداخل، وقام بالثورة، وبعد معارك ضارية استطاع الانتصار عليه، وقتل العلاء بن مغيث، ولم يحاول بعدها العباسيون التدخل فى شئون الأندلس.
- 161 هـ حدثت مؤامرة الخيانة على عبد الرحمن الداخل، إذ تآمر حاكم سرقسطة سليمان بن يقظان الأعرابى مع شارلمان حاكم الفرنجة، ولكن أهالى سرقسطة قاموا بثورة ضد الحاكم الخائن وحليفه النصرانى، وباءت المؤامرة بالفشل.
- 172 هـ توفى عبد الرحمن الداخل، وخلفه فى الحكم ابنه هشام بن عبد الرحمن الذى حكم مدة ثمانية أعوام (172-180).
- 174 هـ حدث خلاف بين هشام وأخيه سليمان، وقد أخذ سليمان لنفسه البيعة فى طليطلة، ولكنه هزم أمام هشام ونفى إلى المغرب.
- 181 هـ حدثت ثورة أهل طليطلة على الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ولكنه تمكن من إخمادها بحيلة تمكن -من خلالها- من القضاء على الثوار.
- 206 هـ توفى الحكم بن هشام، وخلفه ابنه عبد الرحمن الذى عرف بإسم عبد الرحمن الأوسط، وفى عهده استتب الأمن، وساد النظام فانصرف إلى العلم والبناء، والإهتمام بشئون الدولة،و اعتنق فى أيامه الإسلام عدد كبير من النصارى الأسبان.
- 228 هـ أغار الفرنجة على الأندلس عن طريق البحر، فأغاروا على شذونة ومنها إلى أشبيلية، وهزموا المسلمين عدة مرات، وأرسل عبد الرحمن الأوسط قوة لأهل أشبيلية، قاتلت الفرنجة الذين تراجعوا حتى قهروا.
- 238 هـ توفى عبد الرحمن الأوسط ، وخلفه ابنه محمد الأول، وحدثت فى عهده عدة ثورات فى شمالى الأندلس فى برشلونة وطليطلة، فارسل إليها حملات أحرزت النصر.
- 300 هـ ولى حكم الأندلس عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله (عبد الرحمن الناصر) وقد ازدهرت الدولة الأموية فى عهده ازدهاراً كبيراً كما أعلن نفسه خليفة على الأندلس بعد أن رأى استبداد الأتراك بالخلافة العباسية.
- 322 هـ بنى عبد الرحمن الناصر أسطولاً مؤلفًا من مائتى سفينة، وتسابقت رسل دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى مقر حكمه تقدم له الإحترام.
- 335 هـ بنى عبد الرحمن الناصر مدينة سالم، وتقع شمال شرقى مدريد، كما بنى مدينة «المرية» على ساحل البحر المتوسط لتكون قاعدة للأسطول الأندلس.
- 350 هـ توفى عبد الرحمن الناصر بعد أن وطد أركان البلاد، وخلفه ابنه الحكم الثانى الذى تلقب باسم المستنصر بالله، وكانت أيامه هادئة والبلاد مستقرة على أسس ثابتة ازدهرت فيها العلوم ونعمت بالعمران.
- 350 هـ تعرضت سواحل بحر الغرب (المحيط الأطلسى) بالأندلس إلى غارات النورمان المجوسى، وقد تركزت غاراتهم على منطقة لشبونة. والنورمان هؤلاء أصلهم من الدانمارك، وأقام بعضهم فى جنوبى إيطاليا واستعملتهم الكنيسة للهجوم على المسلمين.
- 366 هـ توفى الحكم المستنصر بالله بن عبد الرحمن الناصر، وقيل عنه انه كان من خيار الخلفاء وعلمائهم وكان محبًا للعلماء محسنًا إليهم.
- 366 هـ - 399 هـ كانت فترة حكم هشام بن الحكم المستنصر، وكان قد سيطر على الحكم فى عهده المنصور بن أبى عامر وأسس الدولة العامرية. ثم استمرت فترة الفتنة (399 - 422 هـ) حتى سقطت الأمويون وخلافتهم، وبدأ عصر الطوائف.تعريفات :: (( في الدولة الأموية بالأندلس في عصر الدولة العباسية ))
عبد الرحمن الداخل ::
هو عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان الأموى، المُلقّب بصقر قريش ويعرف بالداخل لأنه أول من دخل الأندلس من ملوك الأمويين.ولد عبدالرحمن فى دمشق، ونشأ يتيمًا، حيث مات أبوه وهو صغير فتربَّى فى بيت الخلافة. ولمَّا انقرض مُلك الأمويين فى الشام وتعقَّب العباسيون رجالهم بالفتك، والأسر أفلت عبد الرحمن، وأقام فى قرية على الفرات إلى أن انتقل إلى الأندلس سنة (138هـ).وقد تجمَّع الأمويون فى الأندلس حول عبدالرحمن وخاض بهم المعارك ضد أعدائه ودخل قرطبة واستقرَّ بها وبنى فيها قصرًا، وعدة مساجد.
وحينما اطمئن له أهل الأندلس أعلن استقلال إمارته وقطَع خطبة العباسيين والدعاء لهم على المنابر.ولصمود عبد الرحمن أمام العقبات التى اقتحمت طريقه لقّبه الخليفة المنصور (صقر قريش). وقال عنه ابن الأثير:إنه كان حازمًا سريع النهضة فى طلب الخارجين عليه لا يخلد إلى راحة ولا يَكِلَ الأمور إلى غيره ولا ينفرد برأيه، شجاعًا، مقدامًا شديد الحذر، سخيًا، لَسِنًا، شاعرًا عالمًا، يُقاس بالمنصور فى حزمه وشدته وضبطه الملك.
و توفى عبدالرحمن الداخل فى قرطبة سنة (172هـ) ودفن بقصرها.
تعريف قرطبة ::
الموقع الجغرافى:
ـ تقع مدينة قرطبة على دائرة عرض (38ْ) شمال خط الاستواء وكانت عاصمة الأندلس (أسبانيا حاليا).
ـ ويحدها من الشمال مدينة ماردة، ومن الجنوب مدينة قرمونة، ومن الشرق الوادى الكبير، ومن الغرب مدينة أشبيلية.
تاريخ قرطبة:
ـ فتح المسلمون الأندلس على يد طارق بن زياد سنة (92هـ) من قبل الدولة الأموية، فى عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك بن مروان.
ـ وبعد سقوط الدولة الأموية انتقلت الأندلس إلى حكم الدولة العباسية سنة (132هـ).
ـ وفى سنة (138هـ) استرد عبد الرحمن الداخل الملقب بصقر قريش فاعاد بناء الدولة الأموية من جديد فى الأندلس.
ـ وقوى أمر المسلمين فى الأندلس فى عهد هشام بن عبد الرحمن الداخل، ومن بعده عبدالرحمن بن هشام الملقب بالأوسط، حيث استتب الأمر فى عهده وساد النظام، فانصرف إلى العلم والبناء، والاهتمام بشئون الدولة، ودخل فى عهده كثير من النصارى الإسلام.
ـ وبلغت الدولة الإسلامية فى الأندلس أوج عظمتها فى عهد أميرها عبد الرحمن الناصر أشهر حكام الدولة الأموية فى الأندلس وبانى قصر الزهراء.
ـ وبعد وفاة الحكم بن عبد الرحمن الناصر تولى الأمر الحاجب المنصور بن أبى عامر، وبعد وفاة المنصور، وابنه توالت الفتن، وظهر عصر ملوك الطوائف الذين كانت المنازعات بينهم من أكبر أسباب ضياع الأندلس.
ـ وكان أشهر ملوك الطوائف المعتمد ابن عباد الذى استنجد بيوسف بن تاشفين عندما ضغط عليه النصارى.
ـ فقام يوسف بن تاشفين بتوحيد بلاد الأندلس مرة ثانية واستطاع أن ينتصر على النصارى فى موقعة الزلاقة.
ـ ومع ظهور دولة الموحدين فى المغرب وظهور الخلافات بينها وبين المرابطين ضعفت دولة المرابطين، وظهر ملوك الطوائف مرة ثانية فى الأندلس.
واستنجد الأندلسيون بعبد المؤمن بن على مؤسس دولة الموحدين واستطاع الموحدون أن يسترجعوا بعض المدن التى وقعت فى قبضة النصارى سنة (544هـ).
ـ وفى عهد بنى الأحمر سقطت الأندلس نهائيا فى عهد الأمير أبوعبدالله الأحمر سنة (897هـ 1492م).
آثار ومعالم قرطبة:
ـ قصر قرطبة القديم الذى اتخذه عبدالرحمن الداخل مقرا له، وزينه، وحسنه.
ـ وقصر الرصافة، أنشأه عبد الرحمن الداخل، وأحاطه بالبساتين.
ـ والمسجد الجامع، الذى بدأه عبد الرحمن الداخل، وأتمه ابنه هشام، وتعهده من بعده الأمراء بالتجميل والزيادة.
ـ ونهر قرطبة الكبير.
ـ وحمامات قرطبة، وكان يوجد بها (900) حمام.
ـ ومدينة الزهراء، وهى إحدى ضواحى مدينة قرطبة التى بناها عبد الرحمن الناصر .
ـ ودار الروضة، وهى قصر عبد الرحمن الناصر، وجلب إليه الماء من الجبل.
ـ ومن أهم أعلام قرطبة، ابن حزم (على بن أحمد الأندلسى)، والفقيه زياد بن عبد الرحمن، والفقيه يحيى بن الليث، وأبوالقاسم الشاطبى.
دولة الأغالبة : (( مازلنا في الدولة العباسية ))
تُنسب دولة الأغالبة إلى الأغلب بن سالم التميمى وكان واليًا لأفريقيا سنة 148 هـ من قبل أبى جعفر المنصور. أما مؤسس دولة الأغالبة فهو إبراهيم بن الأغلب الذى ولى إفريقيا فى عهد هارون الرشيد عام 184 هـ / 800م. ويعد هذا التاريخ هو بدء استقلال الأغالبة عن الدولة العباسية، وقد عمل الرشيد على دعم إبراهيم حتى لا يستقل نهائيًا كباقى الإمارات. وقد واجه إبراهيم بن الأغلب عدة ثورات قامت ضده، تمكن من إخمادها وتثبيت أركان دولته الناشئة، وكان من أهمها ثورة حمديس الكندى فى المغرب الأدنى، وثورة أهل طرابلس سنة 189 هـ. ومات إبراهيم بن الأغلب سنة 196هـ بعد أن ترك إمارة قوية خلفه فى حكمها ابنه عبد الله أبو العباس وكان سئ السيرة فقد اشتد مع الناس وزاد فى الضرائب. وفى عام 201 مات عبد الله أبو العباس واستراح الناس من حكمه وولى الإمارة زيادة الله ابن الأغلب، وقد شهدت دولة الأغالبة فى عهده أزهى أيامها، رغم أنه ظل لفترة منشغلاً بإخماد ثورة منصور بن نصير الذى حاصر القيروان وهدد وجود الدولة، إلا أن زيادة الله تمكن من الانتصار عليه. ويعد فتح «صقلية» أهم إنجاز حققه زيادة الله ابن الأغلب فقد جهز جيشًا كبيرًا بإمرة قاضى القيروان أسد بن الفرات سنة212هـ. ففتح الله لهم جزءًا كبيرًا من الجزيرة، ولم يتوغلوا فيها بسبب وفاة القائد أسد بن الفرات ومساعدة الروم، فجاءت للمسلمين نجدات من القيروان والأندلس وتوغل المسلمون فى الجزيرة بقيادة محمد بن أبى الجوارى. وفى عام 221 هـ توفى زيادة الله ابن الأغلب وخلفه أخوه أبو عفان الأغلب بن إبراهيم الذى قام بعدة إصلاحات فقد أزال المظالم ومنع الخمر، وحقق بعض ا لإنجازات العسكرية بفتح بعض حصون «صقلية» وهزيمة أسطول رومى جاء لمحاصرة الجزيرة، وتوفى أبو عفان سنة 226هـ وخلفه ابنه أبو العباس محمد الأول. وظلت دولة الأغالبة قائمة يتعاقب عليها أمراء البيت الأغلبى حتى قضى عليها الفاطميون سنة 296هـ / 909م.
تعريفات :: (( في دولة الأغالبة في عصر الدولة العباسية ))
مدينة القيروان ::
الموقع الجغرافى:
تقع مدينة القيروان فى الجمهورية العربية التونسية وهى تبدو كالسراب، وسط الصحراء بعيدًا عن الساحل، وعن طرق المواصلات.
تاريخ القيروان:
ـ تعتبر مدينة القيروان أول مدينة إسلامية فى المغرب العربى، حيث فتحها الفاتح المسلم عقبة بن نافع سنة (49هـ 669 م) حينما كان يغزو أفريقيا.
ـ والواقع أن القيروان عاشت قرونًا عدة متقلبة بين الأمجاد والمآسى فقد شهدت أشهر قادة العرب يأتون من الشرق على رأس جحافل جيوش فى طريقهم إلى المغرب، والأندلس، وشهدت
نور- زائر
مواضيع مماثلة
» مشروع الدولة الفلسطينية خطة أميركية ليست فكرة فلسطينية ولا ع
» مجموعة من العناوين الإسلامية المفيدة.
» مدونة احمد الصعيدي الإسلامية
» العراق.. تاريخ حافل بقتل الزعماء
» بريطانيا والخلافة الإسلامية
» مجموعة من العناوين الإسلامية المفيدة.
» مدونة احمد الصعيدي الإسلامية
» العراق.. تاريخ حافل بقتل الزعماء
» بريطانيا والخلافة الإسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى