هل يتحقق الحلم النووي المغربي؟

من طرف **صحبة** 05.11.06 20:51

بعد حوالي 20 سنة من الانتظار في غرفة الانعاش، يظهر أن المغرب أصبح على مرمى حجر من مشروعه النووي الذي سيوجهه للاستخدامات في بعض المجالات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، ولم لا تطوير التقنيات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر أو أغراض أخرى بعد أن يحين وقتها، خصوصا أن المغرب يترنح تحت وطأة ارتفاع فاتورة استيراده للطاقة التي تمتص حوالي 25٪ من مداخيل المغرب. وتفيد مصادر مقربة من الملف أن الدولة المغربية أصبحت مرغمة على الاهتمام بالطاقة النووية كبديل مستدام.

ولم يعد الأمر محصورا في مركز الدراسات النووية بالمعمورة فقد دخل على الخط المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الشريف للفوسفاط. فقد قررت المؤسسة الأولى العمل على تحيين دراسة الموقع والجدوى من أجل التوفر على أول مركز نووي للطاقة الكهربائية مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الاقتصادية الحالية وتطور تكنولوجيا المفاعلات النووية حتى تكون متلائمة مع حجم الشبكة الكهربائية الوطنية في أفق 2017، حيث إن القوة المحتملة لهذه الوحدة الكهربائية النووية ستتراوح ما بين 700 و 1000 ميغاواط. وقد قطع العمل في هذا المجال أشواطا مهمة إذ تم اختيار الموقع الذي سيتم فيه بناء هذه الوحدة في منطقة تقع بين آسفي والصويرة. وانطلق مسلسل البحث واختيار الموقع والدراسات المفصلة من قبل الشركة الفرنسية صوفراطوم والمكتب الوطني للكهرباء بمشاركة عدد من المؤسسات المغربية تحت الإشراف المباشر للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي نفس الاتجاه، تؤكد مصادر مطلعة أن المؤسسة الثانية المكتب الشريف للفوسفاط لم تبق بعيدة عن الملف النووي، باعتبار أن المغرب بإمكانه تطوير مناهج استخراج الأورانيوم من الفوسفاط بتعاون مع بعض الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، على أساس أن يتم استعمال الأورانيوم المستخرج من الفوسفاط كوقود خارج المغرب، وحجة هذه المصادر أن المغرب يتوفر على مخزون هائل من الأورانيوم المركز في الفوسفاط، وإذا كان حجم هذه المادة على المستوى العالمي يصل الى 15 مليون طن فإن المغرب والولايات المتحدة يتوفران وحدهما على أكثر من 65٪ من هذا المخزون ، تتوزع على 40٪ بالنسبة للأول و 25٪ بالنسبة للثانية. فهل يتعلق الأمر فعلا بسياسة حكومية واضحة في هذا المجال أم أن ذلك مجرد محاولات ستذهب مع مهب الريح؟ وهل المشاريع المذكورة سيتم التعامل معها بشكل جدي مع احترام الجدول الزمني لإنجازها أم أنها هي الأخرى ستعرف نفس المصير الذي وصل اليه أول مشروع نووي في المغرب؟ وهل تم التفكير في إحداث هيئة وطنية مستقلة تهتم، بالدرجة الأولى، بالملف النووي المغربي؟ إنها أسئلة مقلقة سنترك الإجابة عليها للأصحاب القرار والعلماء والمختصين على هامش الملف الذي أنجزناه حول المسار المتعتر الذي عرفه مشروع معمورة. المشروع النووي المغربي يجب أن يندرج في إطار سياسة وطنية للطاقة ومن المفروض أن يندرج المشروع النووي المغربي في إطار السياسة وطنية حول الطاقة التي تحدد منذ البداية الأهداف ومنهجية العمل ووسائل التنفيذ، وفي هذا الإطار يؤكد مولاي عبد الله العلوي رئيس فيدرالية الطاقة أن الرهانات الكبرى للسياسة الطاقية تستوجب نقاشا واسعا من أجل الوصول الى توافق وطني حول هذه المسألة المهمة. ويبرز العلوي في افتتاحية العدد 162006 من نشرة طاقة واستراتيجية، أن السياسة الطاقية يجب أن تقود الى تحقيق أهداف استراتيجية لتأمين التزويد والاستقلالية الطاقية، وأهداف اقتصادية لطاقة تنافسية وأهداف بيئية وأهداف اجتماعية تتوخى ضمان الولوج إلى الطاقة للجميع . ويشير عبد الحميد مكي برادة الرئيس المؤسس لجمعية المهندسين في الهندسة النووية بالمغرب إلى أن بلادنا تستورد 97٪ من حاجياتها في الطاقة وتلجأ الى الفحم والفيول والغاز من أجل تلبية متطلباتها من الكهرباء ويتساءل مكي برادة في كلمة ألقاها بمناسبة ندوة نظمتها الجمعية سنة 2005 حول موضوع »الطاقة النووية اليوم وغدا« عما إذا كان المغرب مضطرا الى اللجوء للأورانيوم من أجل تنويع وتقوية قدرته الانتاجية للكهرباء وتقليص تبعيته، ويرى مكي أن تطوير الطاقة النووية بالنسبة للمغرب يعتبر أمرا أساسيا من أجل الاستجابة لحاجيات القطاع الانتاجي من الطاقة وتقوية تنافسيته، ويوضح مكي أنه مع وجود مركز نووي بطاقة الف ميغاواط، يكفي إحراق حوالي 100 طن من أوكسيد الأورانيوم المخصب لإنتاج حوالي 9 ملايير كيلوواط/ساعة كل سنة لمدة ثلاث سنوات متتالية دون الرفع في شحنة الأورانيوم، وهو ما يعادل ثمانية أشهر من استهلاك الكهرباء في حين أن هذا المركز محتاج للقيام بنفس المهمة إلى إحراق 2,3 مليون طن من الفحم، وهو ما يجعل الكلفة مرتفعة، حيث إن استيراد هذه الكمية من الفحم أو أي وقود آخر من الخارج يتطلب وسائل نقل وموانئ وأماكن للتخزين وغيرها... مشكل النفايات النووية مع بداية العمل بالمفاعل النووي المغربي يطرح مشكل النفايات النووية بحدة ومن المستحيل إغفال هذا الجانب باعتبار أنه يشكل نقطة الارتكاز بالنسبة للمعارضين لهذه السياسة. وإذا كان موضوع الأمن النووي يطرح بحدة في مثل هذه المشاريع، فإن الخبراء الدوليين يؤكدون أن مستويات الأمن في المفاعلات مقبولة بشكل كبير، وهو ما تظهر نتائجه على أرض الواقع حيث توجد في الولايات المتحدة الأمريكية مائة مفاعل نووي توفر منذ الثمانينيات من القرن الماضي حوالي 20٪ من الكهرباء، كما توجد في أوروبا الغربية 150 مركز نووي توفر 30٪ من الكهرباء، وتصل هذه الكمية إلى حوالي 77٪ بالنسبة لفرنسا التي تتوفر على 59 مركزا نوويا، وبشكل عام يبرز الخبراء العلميون والتقنيون أن الصناعة النووية تضمن أفضل مستويات الأمن والسلامة النوويين. وبخصوص تدبير النفايات المشعة تشير الأبحاث العلمية إلى أن مركزا نوويا من صنف (1000 MWE) ينتج سنويا حوالي 300 متر مكعب من النفايات ذات قوة إشعاعية ضعيفة ومتوسطة، وحوالي 30 طنا من النفايات ذات قوة عالية وهي صلبة ملفوفة، في حين أن المراكز النووية في العالم تنتج سنويا حوالي 200 ألف متر مكعب من النفايات ذات القوة الإشعاعية العالية، إذا ما اعتبر الوقود المشع كنفاية. في أحد اللقاءات التي عقدها المركز مع بعض المنتخبين بالقنيطرة، من أجل توضيح الجوانب المتعلقة بطرح النفايات المشعة بواد سبو ذكر الكاتب العام للمركز أن الأمر يتعلق بمواد سائلة تتم معالجتها وحفظها اعتمادا على شروط أمان عالية، وتصبح عادية جدا شبيهة بالماء الشروب، فرد عليه أحد المنتخبين إذا كان الأمر كذلك، لماذا لا تحتفظون بها في المركز وتستعملونها للشرب