تعريف بالاقتصاد الخفى
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تعريف بالاقتصاد الخفى
يعتبر تعريف المقصود بالاقتصاد الخفى من الأمور المهمة خصوصا فى مجال الدراسات التطبيقية لهذا الاقتصاد. إذ أنه بناءا على التعريف سوف تتحدد مهمة القياس أو التقدير. ومن المهم الإشارة إلى أنه ليس هناك اتفاق على تعريف محدد للمقصود بالاقتصاد الخفى. فالمقصود بعبارة الاقتصاد الخفى يختلف من شخص لآخر حسب مفهومه للأنشطة التى تتم فى مثل هذا الاقتصاد. على سبيل المثال فان مفهوم الاقتصاد الخفى بالنسبة لكل من Gutmann ( 1977 ) و Fiege ( 1979 ) ينصرف إلى الناتج القومى غير المحسوب ، أو ذلك الجزء من الناتج القومى الإجمالي الذى كان يجب أن يدخل فى حسابات الناتج القومى الإجمالي ولكنه لسبب أو لآخر لم يدخل ضمن هذه الحسابات. أما بالنسبة لـTanzi ( 1982a ) فان الاقتصاد الخفى ينصرف إلى كافة الدخول التى لا يتم الكشف عنها للسلطات الضريبية والتى قد تدخل أو قد لا تدخل ضمن حسابات الدخل القومى ( يعتمد ذلك على طبيعة مصادر هذه الدخول ). إن كل من هذين التعريفين مهم وكلاهما مفيد ولكن لابد أن ندرك أن هذين التعريفين ينصرفان إلى أشياء مختلفة.
ويتفق الكثير من الباحثين فى مجال الاقتصاد الخفى على أن مصطلح الاقتصاد الخفى يضم مجموعة مختلفة من الأنشطة التى تشترك فى محاولة التهرب الضريبى أو الحاجة إلى تجنب القيود الروتينية الموضوعة على عملية ممارسة النشاط الاقتصادى. غير أن هناك جانبا لا يمكن إهماله من الأنشطة التى تتم فى هذا الاقتصاد بسبب الطبيعة الخاصة لهذه الأنشطة والتى تعد مخالفة للقانون. على سبيل المثال فان أنشطة الرشوة والعمولات والسرقة وبيع السلع المسروقة وتجارة المخدرات وأنشطة التهريب السلعى Smuggling وتهريب الأموال وأنشطة القمار والدعارة وأنشطة المافيا أو فرض الإتاوات... إلى آخر هذه القائمة ة من الأنشطة التى تعد مخالفة للقانون قد تمثل جانبا لا يمكن إهماله.
ويشير Mirus, Roger, & Smith [ 1994a ] إلى أن ما نطلق عليه بأنشطة الاقتصاد الخفى سيعتمد على المنظور الذى ننظر منه إلى هذا الاقتصاد. فقد ننظر إلى الاقتصاد الخفى على أنه يضم كافة الأنشطة المصاحبة لعمليات التهرب الضريبى الناشئ عن وجود هذا الاقتصاد. أو قد ننظر إليه من منظور أثر وجود هذا الاقتصاد على مدى دقة حسابات الناتج القومى فى الاقتصاد ككل. ومن المنظور الأول فان نقطة الانطلاق هى النظام القانونى الذى يحدد طبيعة الدخول التى تخضع للضريبة. ووفقا لذلك فان الاقتصاد الخفى يشمل كافة الأنشطة التى تولد دخلا يخضع للضريبة والتى يتم إخفاءها عن السلطات الضريبية فى البلاد بهدف التهرب من دفع الضريبة. أما من المنظور الثانى فان الاقتصاد الخفى سيتسع ليشمل كافة الأنشطة التى يترتب عليها توليدا للدخل ، سواء أكانت هذه الأنشطة قانونية أو غير قانونية ، أو سواء إذا كانت خاضعة أو غير خاضعة للضريبة.
ولكن هل يمكن أن نطلق على هذا الاقتصاد عبارة الاقتصاد غير القانونى. إن مدى دقة هذا اللفظ سوف تعتمد على مفهومنا حول ما يمكن أن نطلق عليه غير قانونى. فهل الأنشطة المولدة للدخل فى الاقتصاد الرسمى والتى لا يعلن عنها للسلطات الضريبية تعد غير قانونية ، أم أن عملية التهرب الضريبى ذاتها هى التى تعد غير قانونية. أن المشكلة الأساسية التى نواجهها هنا لها جانبان ، جانب حسابى وجانب قانونى. فالجانب الحسابى يتمثل فى أن هناك جزءا من النشاط الاقتصادى يتم فى إطار قانونى كامل ويتمتع بالصفة القانونية ولكنه لم يسجل ضمن حسابات الدخل القومى لتعمد إخفاؤه بهدف التهرب من الضريبة. أما الجانب الآخر، وهو التهرب الضريبى ، فهو الجانب غير القانونى فى القضية. ولذلك يصعب أن نطلق على كافة المعاملات التى تتم فى الاقتصاد الخفى بأنها معاملات غير قانونية.
من ناحية أخرى نجد أن بعض الاقتصاديين مثل Molefsky [ 1982 ] يشير إلى أن عبارة الاقتصاد الخفى لا تعنى أن كافة المعاملات التى تتم فى الاقتصاد الخفى لا تسجل فى الإحصاءات الرسمية للدخل القومى. فهناك احتمال أن يشمل الاقتصاد الخفى جانبا من المعاملات التى تتم أصلا فى الاقتصاد الرسمى. فقد تنتج بعض السلع فى الاقتصاد الرسمى ، ومن ثم تسجل بالتبعية ضمن حساباته ، ومع ذلك يتم استخدامها فى الاقتصاد الخفى ، ولا تسجل بالتالى القيمة المضافة التى تتم عليها فى الاقتصاد الخفى ضمن حسابات الناتج القومى.
ومما سبق يمكن تعريف الاقتصاد الخفى بأنه " كافة الأنشطة المولدة للدخل الذى لا يسجل ضمن حسابات الناتج القومى إما لتعمد إخفاءه تهربا من الالتزامات القانونية المرتبطة بالكشف عن هذه الأنشطة ، واما بسبب أن هذه الأنشطة المولدة للدخل بحكم طبيعتها تعد من الأنشطة المخالفة للنظام القانونى السائد فى البلاد ". ووفقا لهذا التعريف فان أنشطة الاقتصاد الخفى تشمل الدخول المولدة بطرق شرعية ولكن لا يعلن عنها للإدارات الضريبية ، وكذلك الأنشطة الإجرامية التقليدية مثل الاتجار بالمخدرات والقمار والتهريب وغيرها. وأخيرا عمليات المقايضة التى تتم بدون استخدام النقود.
3 - أسباب نمو الاقتصاد الخفى.
تختلف أسباب نمو الاقتصاد الخفى من دولة لأخرى ، إلا أنه من الممكن بصفة عامة حصر هذه الأسباب فى الآتى:
- ارتفاع مستوى الضرائب.
يتزايد الحافز نحو التحول إلى العمل فى الاقتصاد الخفى إذا كانت الأنشطة فى الاقتصاد الرسمى تتعرض للمزيد من الضرائب من وقت لآخر. ويعتمد قرار المشاركة فى الاقتصاد الخفى للتهرب من الضرائب على أساس الموازنة بين العقوبات التى قد يتعرض لها الفرد فى حالة اكتشاف التهرب ، وكافة المخاطر الأخرى ، وبين الدخول الإضافية التى ستعود عليه من التهرب من دفع الضرائب ، أخذا فى الاعتبار مدى استعداده لتحمل المخاطرة. وبناءا على هذه الموازنة يتخذ الفرد قرارة بالتهرب أو عدم التهرب.
ويؤدى نمو العبئ الضريبى سواء أكان ذلك بالنسبة للضرائب المباشرة أو الضرائب غير المباشرة إلى رفع نسبة الضرائب إلى الناتج القومى. وهو ما يدفع إما إلى محاولة تجنب الضرائب أو التهرب من دفع الضرائب. ويؤدى ارتفاع العبئ الضريبى إلى تحويل بعض الأنشطة إلى الاقتصاد الخفى ، حيث تصبح هذه الأنشطة غير مسجلة وبالتالى لا تدفع ضرائب. ويتوقع أن تؤدى كل أشكال الضرائب إلى تحول المشروعات نحو الاقتصاد الخفى ، إلا أن أهمية ودرجة تأثير نوع معين من الضرائب تختلف من دولة إلى أخرى. على سبيل المثال فان نمو الاقتصاد الخفى فى الولايات المتحدة يعزى إلى الضرائب على الدخل. بينما يعزى نمو الاقتصاد الخفى فى أوروبا إلى ارتفاع اشتراكات التأمينات الاجتماعية والضرائب على القيمة المضافة. أما إذا ما أخذنا الدول النامية فى الاعتبار فان الضرائب المرتفعة على التجارة الخارجية لهذه الدول يمكن إدخالها أيضا فى قائمة العوامل المسئولة عن تحول المشروعات نحو الاقتصاد الخفى.
على سبيل المثال يشير Hansson ( 1982 ) إلى أن ارتفاع معدل الضريبة على الدخل الاضافى يمثل العامل الرئيسى فى ظهور الاقتصاد الخفى فى السويد. فوفقا لمعدلات الضريبة السائدة فى السويد يؤدى قيام الممول بعدم الكشف عن دخوله الإضافية إلى تهرب ضريبى نسبته 65% من الدخول غير المكشوف عنها. الأمر الذى يمثل حافزا كبيرا للممولين نحو التهرب الضريبى والتحول نحو الاقتصاد الخفى. ويعطى Hansson ( 1982 ) مثالا على ذلك فى حالة السويد ، حيث يشير إلى أن العامل الذى يعمل فى الاقتصاد الخفى ساعة إضافية بنصف الأجر الذى يعمل به فى الاقتصاد الرسمى سيحصل على إيراد صافى يساوى ضعف إيراده من تلك الساعة إذا ما عمل فى الاقتصاد الرسمى ودفع الضريبة المفروضة فى الاقتصاد الرسمى عن هذه الساعة الإضافية. وبالرغم من كون النظام الضريبى فى السويد من الأنظمة ذات الكفاءة العالية ، بالإضافة إلى انخفاض نسبة الفساد الادارى بين العاملين فى مجال الضرائب ، والتى تكفل حصر الاقتصاد الخفى فى أضيق نطاق ممكن بالمقارنة بباقى الدول ، إلا أن Hanson ( 1982 ) يشير إلى أن آثار ارتفاع معدلات الضريبة ، وبصفة خاصة على الدخول الحدية على المدى ، تنعكس فى صورة ازدهار للاقتصاد الخفى ، وتوفر بالفعل دوافع نحو المخاطرة والتحول نحو الاقتصاد الخفى.
وتمثل العلاقة التبادلية بين التضخم وارتفاع مستويات الضريبة على الدخل عاملا إضافيا يؤدى إلى ازدهار أنشطة الاقتصاد الخفى. فعندما تزداد الدخول الاسمية مع ارتفاع معدلات التضخم ينتقل دافعى الضرائب إلى شرائح أعلى من الدخل ، وهو ما يؤدى إلى ارتفاع معدلات الضرائب بالرغم من أن الدخل القابل للتصرف بعد فرض الضريبة قد ينخفض من الناحية الحقيقية بفعل وجود التضخم. لذلك يعمد بعض الأفراد إلى التهرب الضريبى من خلال إخفاء جانب من دخولهم عند كتابة إقراراتهم الضريبية ، أو قد يميلون إلى تفضيل إجراء المعاملات من خلال نظام المقايضة حتى يتجنبون انخفاض مستويات المعيشة الناجمة عن التضخم وارتفاع معدلات الضريبة فى ذات الوقت.
على أن السؤال الذى يطرح نفسه هنا هو هل يؤدى تخفيض معدلات الضريبة إلى القضاء على الاقتصاد الخفى؟. إن تخفيض معدلات الضريبة قد لا يعنى بالضرورة القضاء على الاقتصاد الخفى. ذلك أن المتعاملين فى الاقتصاد الخفى يتمتعون بمعدل ضريبة فعلى يساوى صفرا. وبالتالى فان تخفيض معدل الضريبة بعدة نقاط ليس من المحتمل أن يؤثر على رغبة هؤلاء الأفراد فى إظهار دخولهم الحقيقية ودفع الضريبة المطلوبة. على انه على احسن الفروض يمكن تخيل أن تخفيض معدل الضريبة سوف يقلل من الحافز نحو دخول مزيد من الأفراد إلى الاقتصاد الخفى. أما هؤلاء الذين يتعاملون فعلا فى الاقتصاد الخفى فيصعب تصور أن تتأثر أعدادهم بتخفيض معدلات الضريبة.
كذلك فان إدخال أشكال أخرى من الضريبة غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة Value Added Tax ( VAT ) ، أو ضريبة المبيعات Sales Tax بدلا من الضرائب على الدخل لن يقضى على الاقتصاد الخفى. على سبيل المثال فان الدول الأوروبية تعانى من وجود اقتصاد خفى بالرغم من استخدام ضريبة القيمة المضافة على نطاق واسع. ذلك أن من الممكن التهرب من ضريبة القيمة المضافة من خلال الاتفاقات التى يمكن أن تتم بين المنتجين والمشترين ، وكذلك من خلال تزييف الفواتير. وإذا ما نجح المتعاملون فى التهرب من الضريبة على القيمة المضافة فان ذلك سوف يمكنهم من تحصيل الضريبة والاحتفاظ بها لأنفسهم.
وبالرغم من أن التحليل الاقتصادى الجزئى Microeconomic Analysis للضريبة يشير إلى أن أرباح المنتج تميل إلى الانخفاض مع زيادة مستوى الضريبة لان المنتج قد يضطر إلى تحمل جانبا من الضريبة ، يعتمد ذلك على درجة مرونة الطلب السعرية. إلا أن التحول نحو الاقتصاد الخفى يجعل من الضريبة مصدرا جيدا للدخل للكثير من تجار التجزئة. بل وقد يمكنهم من زيادة مستوى أعمالهم وذلك عن طريق منح خصم لعملائهم يعادل قيمة - أو جزء من - الضريبة.
ويرتبط بهذا العنصر مدى شعور الأفراد بالرضاء عن السياسات الحكومية ، وقناعتهم بالأهداف التى تسعى السلطات إلى تحقيقها. إذ يعد ذلك من العوامل الفعالة فى رفع درجة الالتزام الأدبي من جانب الأفراد نحو دفع الضريبة. فإذا أحس الأفراد بعدم جدوى البرامج الحكومية ، أو أن هناك إسرافا مبالغا فيه فى إنفاق حصيلة الضرائب ، أو أحس الأفراد بان ليس هناك عائد ملموس يعود عليهم ، فانهم قد يميلون إلى محاولة التهرب من أو تجنب دفع الضريبة.
3/2 - النظم والقيود الحكومية.
يرى البعض أنه إذا لم يكن هناك ضرائب فان الاقتصاد الخفى سوف يستمر أيضا فى الظهور بسبب القيود الحكومية الأخرى المفروضة على النشاط الاقتصادى للأفراد. وتفرض هذه النظم أو القيود إما بهدف تنظيم ممارسة أعمال معينة أو رفع مستوى الرفاهية الاقتصادية للأفراد وضمان مستويات مناسبة من المعيشة أو الرفاهية أو الأمان. أو قد تفرض بسبب أن الأنشطة ذاتها أنشطة إجرامية أو غير قانونية من المنظور الاقتصادى أو الاجتماعى. وإذا كانت هذه القيود مصحوبة بغرامات مرتفعة ونظام فعال للرقابة فقد تحول دون وجود مثل هذه الأنشطة ، إلا أنها للأسف فى أغلب الأحوال ستحول هذه الأنشطة إلى الاقتصاد الخفى.
أن الكثير من الدول وبصفة خاصة الدول الصناعية تمنح بعض المزايا لأغراض رفع مستويات الرفاهية العامة للأفراد المقيمين داخل حدود دولهم. وتتناسب هذه المدفوعات بصورة عكسية مع الدخل. وعادة ما يبدأ صرفها عندما ينخفض الدخل إلى مستوى معين. وقد تؤدى نظم الضمان الاجتماعى ومدفوعات الرفاهية التى تدفعها الحكومة للأفراد إلى دفعهم نحو دخول الاقتصاد الخفى. فعندما يتعدى الدخل مستوى معين ، يصبح الفرد غير مؤهل للحصول على الإعانة الاجتماعية ، أو يحصل على جزء منها فقط. وقد يدفع هذا الأمر هؤلاء الأفراد إلى دخول الاقتصاد الخفى حتى لا تتأثر مدفوعات الضمان الاجتماعى لهم. ولهذا السبب تنتشر عمالة الأفراد الذين أحيلوا إلى التقاعد فى الاقتصاد الخفى ، خوفا من تأثر مدفوعات المعاش لهم من جراء انكشاف مصادر الدخل التى يحصلون عليها من عملهم إذا ما قرروا العمل فى الاقتصاد الرسمى.
وفى كثير من الأحيان تتطلب ممارسة بعض أنواع الوظائف أو الحرف الحصول على إذن رسمى أو ترخيص. كما قد تهدف هذه النظم إلى الحد من الكمية المعروضة من سلع أو خدمات معينة ، وهو ما ينشأ عنه فى بعض الأحوال فجوة بين الكمية المعروضة والكمية المطلوبة من هذه السلع والخدمات ، مما يوفر دافع لدى الأفراد الذين ليس لديهم ترخيصا بمزاولة المهنة أو بإنتاج هذه السلع والخدمات إلى دخول الاقتصاد الخفى والعمل بأجر اقل أو الإنتاج بسعر أقل فى الاقتصاد الخفى بدون تحمل الاستثمارات المتمثلة فى تكاليف استخراج مثل هذه التراخيص.
كذلك فان بعض القيود الحكومية على إنتاج سلعة معينة قد تهدف إلى تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية والاجتماعية. مثل حماية مستوى المعيشة للعمال أو حماية المستهلكين. إلا أن ذلك يدفع بعض المنشآت إلى الظهور بهدف الحصول على ميزة تنافسية من خلال تجنب هذه القوانين. كذلك فان هناك مجموعة من القيود القانونية الأخرى التى تساهم فى تحول المشروعات نحو الاقتصاد الخفى ، مثال ذلك القيود القانونية أو المفروضة من قبل نقابات العمال حول مستويات الأمان والسلامة الواجب توفيرها أثناء أداء الوظيفة. أو القيود القانونية الخاصة بالمواصفات الواجب الالتزام بها فى تصميم المشروعات بهدف حماية البيئة. أو القيود على الحد الأدنى للأجور.
3/3 - دور المشروعات الصغيرة.
يعتبر الاقتصاد الخفى مهم جدا بالنسبة للمشروعات الصغيرة ، كما أن المشروعات الصغيرة مهمة جدا لوجود الاقتصاد الخفى. فالمشروعات الصغيرة تميل إلى إجراء معاملاتها باستخدام النقود السائلة ، ومن المعلوم أن مجالات الأعمال التى تقوم على استخدام النقود السائلة فى إجراء المعاملات تسهل من الأنشطة الخفية. ولهذا السبب نجد أن أى محاولة لتطبيق النظم الضريبية بالقوة يترتب عليها إفلاس عدد كبير من المشروعات الصغيرة ، لان هذه المشروعات تعمل أصلا فى ظل افتراض عدم وجود ضرائب.
ويؤدى تزايد أعداد المشروعات الصغيرة التى تقوم أساسا على استخدام النقود السائلة فى إبراء المعاملات إلى زيادة الأهمية النسبية للاقتصاد الخفى فى العديد من الدول. حيث يصبح من السهل التهرب من الضريبة عندما يكون حجم المشروعات صغير نسبيا.
3/4 - ندرة السلع.
تختلف طبيعة العوامل المسئولة عن نمو الاقتصاد الخفى من الدول النامية إلى الدول المتقدمة. فمما لا شك فيه أن جانبا كبيرا من التحليل عن أسباب نمو الاقتصاد الخفى تم على أساس حالة الدول المتقدمة ، والتى تلعب فيها الضرائب دورا أساسيا. أما فيما يتعلق بالدول النامية فان الأمر يختلف بعض الشئ. إذا أننا نواجه فى هذه الحالة اقتصادا على جانب كبير من السيطرة والتحكم فيه من جانب الحكومة ويعانى من عجز فى عرض بعض السلع. كما أن جانبا كبيرا من هيكل الضريبة ينصب على الضرائب الغير مباشرة وليس الضرائب على الدخل ، والتى يفترض أنها العامل الأساسى فى نمو الاقتصاد الخفى فى الدول المتقدمة. ولذلك نجد أن السبب الرئيسى فى نمو الاقتصاد الخفى فى هذه الدول هو نقص عرض السلع الاستهلاكية والرأسمالية ، وسهولة التلاعب فى السلع التى توفرها الحكومة ، والتى يفترض أن يتم توزيعها من خلال المنافذ المختلفة التى تتولى الحكومة الإشراف عليها.
إن النظام الخاص بالأسعار فى هذه الدول عادة ما يكون غير مناسبا ولا يعكس مستوى الندرة. فالسلع الأساسية تباع بأسعار مدعمة. وتؤدى هذه الأسعار المنخفضة إلى انتشار ظاهرة الطوابير وأحيانا زيادة فائض الطلب على السلع الاستهلاكية. ويؤدى ذلك الأمر إلى ازدهار أنشطة الاقتصاد الخفى أما من خلال إعادة بيع هذه السلع بصورة غير قانونية ، أو من خلال محاولة إنتاج هذه السلع فى الاقتصاد الخفى للوفاء باحتياجات الطلب عليها.
3/5 - دور المعلومات.
تلعب المعلومات دورا حيويا فى أداء الاقتصاد الخفى. فكل من المشترين والبائعين فى سوق السلع والعمل يحتاجون إلى معلومات عن الأطراف موضع المعاملات التى تتم على أرض الواقع. كذلك قد تكون هناك حاجة إلى المعلومات عن الأسعار والجودة والبدائل المتاحة. وبدون توافر هذه المعلومات فان السوق لا يمكنه العمل. وعلى ذلك لكى ينمو الاقتصاد الخفى فلابد من توافر المعلومات بسهولة وبتكلفة قليلة.
على أنه تنبغى الإشارة إلى انه إذا كانت البيانات متاحة بهذه السهولة للأطراف المتعاملة فى الاقتصاد الخفى ، فانه من المتوقع بالتالى أن تكون متاحة أيضا للحكومة. ومما لاشك فيه أن المعلومات سوف يكون لها تكلفة لمن يريد التعامل فى الاقتصاد الخفى. ومن ثم فان ازدهار الاقتصاد الخفى فى هذه الحالة سوف يعنى أن الحكومة أما لا تستطيع جمع هذه المعلومات أو لا ترغب فى جمعها أصلا.
ويتفق الكثير من الباحثين فى مجال الاقتصاد الخفى على أن مصطلح الاقتصاد الخفى يضم مجموعة مختلفة من الأنشطة التى تشترك فى محاولة التهرب الضريبى أو الحاجة إلى تجنب القيود الروتينية الموضوعة على عملية ممارسة النشاط الاقتصادى. غير أن هناك جانبا لا يمكن إهماله من الأنشطة التى تتم فى هذا الاقتصاد بسبب الطبيعة الخاصة لهذه الأنشطة والتى تعد مخالفة للقانون. على سبيل المثال فان أنشطة الرشوة والعمولات والسرقة وبيع السلع المسروقة وتجارة المخدرات وأنشطة التهريب السلعى Smuggling وتهريب الأموال وأنشطة القمار والدعارة وأنشطة المافيا أو فرض الإتاوات... إلى آخر هذه القائمة ة من الأنشطة التى تعد مخالفة للقانون قد تمثل جانبا لا يمكن إهماله.
ويشير Mirus, Roger, & Smith [ 1994a ] إلى أن ما نطلق عليه بأنشطة الاقتصاد الخفى سيعتمد على المنظور الذى ننظر منه إلى هذا الاقتصاد. فقد ننظر إلى الاقتصاد الخفى على أنه يضم كافة الأنشطة المصاحبة لعمليات التهرب الضريبى الناشئ عن وجود هذا الاقتصاد. أو قد ننظر إليه من منظور أثر وجود هذا الاقتصاد على مدى دقة حسابات الناتج القومى فى الاقتصاد ككل. ومن المنظور الأول فان نقطة الانطلاق هى النظام القانونى الذى يحدد طبيعة الدخول التى تخضع للضريبة. ووفقا لذلك فان الاقتصاد الخفى يشمل كافة الأنشطة التى تولد دخلا يخضع للضريبة والتى يتم إخفاءها عن السلطات الضريبية فى البلاد بهدف التهرب من دفع الضريبة. أما من المنظور الثانى فان الاقتصاد الخفى سيتسع ليشمل كافة الأنشطة التى يترتب عليها توليدا للدخل ، سواء أكانت هذه الأنشطة قانونية أو غير قانونية ، أو سواء إذا كانت خاضعة أو غير خاضعة للضريبة.
ولكن هل يمكن أن نطلق على هذا الاقتصاد عبارة الاقتصاد غير القانونى. إن مدى دقة هذا اللفظ سوف تعتمد على مفهومنا حول ما يمكن أن نطلق عليه غير قانونى. فهل الأنشطة المولدة للدخل فى الاقتصاد الرسمى والتى لا يعلن عنها للسلطات الضريبية تعد غير قانونية ، أم أن عملية التهرب الضريبى ذاتها هى التى تعد غير قانونية. أن المشكلة الأساسية التى نواجهها هنا لها جانبان ، جانب حسابى وجانب قانونى. فالجانب الحسابى يتمثل فى أن هناك جزءا من النشاط الاقتصادى يتم فى إطار قانونى كامل ويتمتع بالصفة القانونية ولكنه لم يسجل ضمن حسابات الدخل القومى لتعمد إخفاؤه بهدف التهرب من الضريبة. أما الجانب الآخر، وهو التهرب الضريبى ، فهو الجانب غير القانونى فى القضية. ولذلك يصعب أن نطلق على كافة المعاملات التى تتم فى الاقتصاد الخفى بأنها معاملات غير قانونية.
من ناحية أخرى نجد أن بعض الاقتصاديين مثل Molefsky [ 1982 ] يشير إلى أن عبارة الاقتصاد الخفى لا تعنى أن كافة المعاملات التى تتم فى الاقتصاد الخفى لا تسجل فى الإحصاءات الرسمية للدخل القومى. فهناك احتمال أن يشمل الاقتصاد الخفى جانبا من المعاملات التى تتم أصلا فى الاقتصاد الرسمى. فقد تنتج بعض السلع فى الاقتصاد الرسمى ، ومن ثم تسجل بالتبعية ضمن حساباته ، ومع ذلك يتم استخدامها فى الاقتصاد الخفى ، ولا تسجل بالتالى القيمة المضافة التى تتم عليها فى الاقتصاد الخفى ضمن حسابات الناتج القومى.
ومما سبق يمكن تعريف الاقتصاد الخفى بأنه " كافة الأنشطة المولدة للدخل الذى لا يسجل ضمن حسابات الناتج القومى إما لتعمد إخفاءه تهربا من الالتزامات القانونية المرتبطة بالكشف عن هذه الأنشطة ، واما بسبب أن هذه الأنشطة المولدة للدخل بحكم طبيعتها تعد من الأنشطة المخالفة للنظام القانونى السائد فى البلاد ". ووفقا لهذا التعريف فان أنشطة الاقتصاد الخفى تشمل الدخول المولدة بطرق شرعية ولكن لا يعلن عنها للإدارات الضريبية ، وكذلك الأنشطة الإجرامية التقليدية مثل الاتجار بالمخدرات والقمار والتهريب وغيرها. وأخيرا عمليات المقايضة التى تتم بدون استخدام النقود.
3 - أسباب نمو الاقتصاد الخفى.
تختلف أسباب نمو الاقتصاد الخفى من دولة لأخرى ، إلا أنه من الممكن بصفة عامة حصر هذه الأسباب فى الآتى:
- ارتفاع مستوى الضرائب.
يتزايد الحافز نحو التحول إلى العمل فى الاقتصاد الخفى إذا كانت الأنشطة فى الاقتصاد الرسمى تتعرض للمزيد من الضرائب من وقت لآخر. ويعتمد قرار المشاركة فى الاقتصاد الخفى للتهرب من الضرائب على أساس الموازنة بين العقوبات التى قد يتعرض لها الفرد فى حالة اكتشاف التهرب ، وكافة المخاطر الأخرى ، وبين الدخول الإضافية التى ستعود عليه من التهرب من دفع الضرائب ، أخذا فى الاعتبار مدى استعداده لتحمل المخاطرة. وبناءا على هذه الموازنة يتخذ الفرد قرارة بالتهرب أو عدم التهرب.
ويؤدى نمو العبئ الضريبى سواء أكان ذلك بالنسبة للضرائب المباشرة أو الضرائب غير المباشرة إلى رفع نسبة الضرائب إلى الناتج القومى. وهو ما يدفع إما إلى محاولة تجنب الضرائب أو التهرب من دفع الضرائب. ويؤدى ارتفاع العبئ الضريبى إلى تحويل بعض الأنشطة إلى الاقتصاد الخفى ، حيث تصبح هذه الأنشطة غير مسجلة وبالتالى لا تدفع ضرائب. ويتوقع أن تؤدى كل أشكال الضرائب إلى تحول المشروعات نحو الاقتصاد الخفى ، إلا أن أهمية ودرجة تأثير نوع معين من الضرائب تختلف من دولة إلى أخرى. على سبيل المثال فان نمو الاقتصاد الخفى فى الولايات المتحدة يعزى إلى الضرائب على الدخل. بينما يعزى نمو الاقتصاد الخفى فى أوروبا إلى ارتفاع اشتراكات التأمينات الاجتماعية والضرائب على القيمة المضافة. أما إذا ما أخذنا الدول النامية فى الاعتبار فان الضرائب المرتفعة على التجارة الخارجية لهذه الدول يمكن إدخالها أيضا فى قائمة العوامل المسئولة عن تحول المشروعات نحو الاقتصاد الخفى.
على سبيل المثال يشير Hansson ( 1982 ) إلى أن ارتفاع معدل الضريبة على الدخل الاضافى يمثل العامل الرئيسى فى ظهور الاقتصاد الخفى فى السويد. فوفقا لمعدلات الضريبة السائدة فى السويد يؤدى قيام الممول بعدم الكشف عن دخوله الإضافية إلى تهرب ضريبى نسبته 65% من الدخول غير المكشوف عنها. الأمر الذى يمثل حافزا كبيرا للممولين نحو التهرب الضريبى والتحول نحو الاقتصاد الخفى. ويعطى Hansson ( 1982 ) مثالا على ذلك فى حالة السويد ، حيث يشير إلى أن العامل الذى يعمل فى الاقتصاد الخفى ساعة إضافية بنصف الأجر الذى يعمل به فى الاقتصاد الرسمى سيحصل على إيراد صافى يساوى ضعف إيراده من تلك الساعة إذا ما عمل فى الاقتصاد الرسمى ودفع الضريبة المفروضة فى الاقتصاد الرسمى عن هذه الساعة الإضافية. وبالرغم من كون النظام الضريبى فى السويد من الأنظمة ذات الكفاءة العالية ، بالإضافة إلى انخفاض نسبة الفساد الادارى بين العاملين فى مجال الضرائب ، والتى تكفل حصر الاقتصاد الخفى فى أضيق نطاق ممكن بالمقارنة بباقى الدول ، إلا أن Hanson ( 1982 ) يشير إلى أن آثار ارتفاع معدلات الضريبة ، وبصفة خاصة على الدخول الحدية على المدى ، تنعكس فى صورة ازدهار للاقتصاد الخفى ، وتوفر بالفعل دوافع نحو المخاطرة والتحول نحو الاقتصاد الخفى.
وتمثل العلاقة التبادلية بين التضخم وارتفاع مستويات الضريبة على الدخل عاملا إضافيا يؤدى إلى ازدهار أنشطة الاقتصاد الخفى. فعندما تزداد الدخول الاسمية مع ارتفاع معدلات التضخم ينتقل دافعى الضرائب إلى شرائح أعلى من الدخل ، وهو ما يؤدى إلى ارتفاع معدلات الضرائب بالرغم من أن الدخل القابل للتصرف بعد فرض الضريبة قد ينخفض من الناحية الحقيقية بفعل وجود التضخم. لذلك يعمد بعض الأفراد إلى التهرب الضريبى من خلال إخفاء جانب من دخولهم عند كتابة إقراراتهم الضريبية ، أو قد يميلون إلى تفضيل إجراء المعاملات من خلال نظام المقايضة حتى يتجنبون انخفاض مستويات المعيشة الناجمة عن التضخم وارتفاع معدلات الضريبة فى ذات الوقت.
على أن السؤال الذى يطرح نفسه هنا هو هل يؤدى تخفيض معدلات الضريبة إلى القضاء على الاقتصاد الخفى؟. إن تخفيض معدلات الضريبة قد لا يعنى بالضرورة القضاء على الاقتصاد الخفى. ذلك أن المتعاملين فى الاقتصاد الخفى يتمتعون بمعدل ضريبة فعلى يساوى صفرا. وبالتالى فان تخفيض معدل الضريبة بعدة نقاط ليس من المحتمل أن يؤثر على رغبة هؤلاء الأفراد فى إظهار دخولهم الحقيقية ودفع الضريبة المطلوبة. على انه على احسن الفروض يمكن تخيل أن تخفيض معدل الضريبة سوف يقلل من الحافز نحو دخول مزيد من الأفراد إلى الاقتصاد الخفى. أما هؤلاء الذين يتعاملون فعلا فى الاقتصاد الخفى فيصعب تصور أن تتأثر أعدادهم بتخفيض معدلات الضريبة.
كذلك فان إدخال أشكال أخرى من الضريبة غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة Value Added Tax ( VAT ) ، أو ضريبة المبيعات Sales Tax بدلا من الضرائب على الدخل لن يقضى على الاقتصاد الخفى. على سبيل المثال فان الدول الأوروبية تعانى من وجود اقتصاد خفى بالرغم من استخدام ضريبة القيمة المضافة على نطاق واسع. ذلك أن من الممكن التهرب من ضريبة القيمة المضافة من خلال الاتفاقات التى يمكن أن تتم بين المنتجين والمشترين ، وكذلك من خلال تزييف الفواتير. وإذا ما نجح المتعاملون فى التهرب من الضريبة على القيمة المضافة فان ذلك سوف يمكنهم من تحصيل الضريبة والاحتفاظ بها لأنفسهم.
وبالرغم من أن التحليل الاقتصادى الجزئى Microeconomic Analysis للضريبة يشير إلى أن أرباح المنتج تميل إلى الانخفاض مع زيادة مستوى الضريبة لان المنتج قد يضطر إلى تحمل جانبا من الضريبة ، يعتمد ذلك على درجة مرونة الطلب السعرية. إلا أن التحول نحو الاقتصاد الخفى يجعل من الضريبة مصدرا جيدا للدخل للكثير من تجار التجزئة. بل وقد يمكنهم من زيادة مستوى أعمالهم وذلك عن طريق منح خصم لعملائهم يعادل قيمة - أو جزء من - الضريبة.
ويرتبط بهذا العنصر مدى شعور الأفراد بالرضاء عن السياسات الحكومية ، وقناعتهم بالأهداف التى تسعى السلطات إلى تحقيقها. إذ يعد ذلك من العوامل الفعالة فى رفع درجة الالتزام الأدبي من جانب الأفراد نحو دفع الضريبة. فإذا أحس الأفراد بعدم جدوى البرامج الحكومية ، أو أن هناك إسرافا مبالغا فيه فى إنفاق حصيلة الضرائب ، أو أحس الأفراد بان ليس هناك عائد ملموس يعود عليهم ، فانهم قد يميلون إلى محاولة التهرب من أو تجنب دفع الضريبة.
3/2 - النظم والقيود الحكومية.
يرى البعض أنه إذا لم يكن هناك ضرائب فان الاقتصاد الخفى سوف يستمر أيضا فى الظهور بسبب القيود الحكومية الأخرى المفروضة على النشاط الاقتصادى للأفراد. وتفرض هذه النظم أو القيود إما بهدف تنظيم ممارسة أعمال معينة أو رفع مستوى الرفاهية الاقتصادية للأفراد وضمان مستويات مناسبة من المعيشة أو الرفاهية أو الأمان. أو قد تفرض بسبب أن الأنشطة ذاتها أنشطة إجرامية أو غير قانونية من المنظور الاقتصادى أو الاجتماعى. وإذا كانت هذه القيود مصحوبة بغرامات مرتفعة ونظام فعال للرقابة فقد تحول دون وجود مثل هذه الأنشطة ، إلا أنها للأسف فى أغلب الأحوال ستحول هذه الأنشطة إلى الاقتصاد الخفى.
أن الكثير من الدول وبصفة خاصة الدول الصناعية تمنح بعض المزايا لأغراض رفع مستويات الرفاهية العامة للأفراد المقيمين داخل حدود دولهم. وتتناسب هذه المدفوعات بصورة عكسية مع الدخل. وعادة ما يبدأ صرفها عندما ينخفض الدخل إلى مستوى معين. وقد تؤدى نظم الضمان الاجتماعى ومدفوعات الرفاهية التى تدفعها الحكومة للأفراد إلى دفعهم نحو دخول الاقتصاد الخفى. فعندما يتعدى الدخل مستوى معين ، يصبح الفرد غير مؤهل للحصول على الإعانة الاجتماعية ، أو يحصل على جزء منها فقط. وقد يدفع هذا الأمر هؤلاء الأفراد إلى دخول الاقتصاد الخفى حتى لا تتأثر مدفوعات الضمان الاجتماعى لهم. ولهذا السبب تنتشر عمالة الأفراد الذين أحيلوا إلى التقاعد فى الاقتصاد الخفى ، خوفا من تأثر مدفوعات المعاش لهم من جراء انكشاف مصادر الدخل التى يحصلون عليها من عملهم إذا ما قرروا العمل فى الاقتصاد الرسمى.
وفى كثير من الأحيان تتطلب ممارسة بعض أنواع الوظائف أو الحرف الحصول على إذن رسمى أو ترخيص. كما قد تهدف هذه النظم إلى الحد من الكمية المعروضة من سلع أو خدمات معينة ، وهو ما ينشأ عنه فى بعض الأحوال فجوة بين الكمية المعروضة والكمية المطلوبة من هذه السلع والخدمات ، مما يوفر دافع لدى الأفراد الذين ليس لديهم ترخيصا بمزاولة المهنة أو بإنتاج هذه السلع والخدمات إلى دخول الاقتصاد الخفى والعمل بأجر اقل أو الإنتاج بسعر أقل فى الاقتصاد الخفى بدون تحمل الاستثمارات المتمثلة فى تكاليف استخراج مثل هذه التراخيص.
كذلك فان بعض القيود الحكومية على إنتاج سلعة معينة قد تهدف إلى تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية والاجتماعية. مثل حماية مستوى المعيشة للعمال أو حماية المستهلكين. إلا أن ذلك يدفع بعض المنشآت إلى الظهور بهدف الحصول على ميزة تنافسية من خلال تجنب هذه القوانين. كذلك فان هناك مجموعة من القيود القانونية الأخرى التى تساهم فى تحول المشروعات نحو الاقتصاد الخفى ، مثال ذلك القيود القانونية أو المفروضة من قبل نقابات العمال حول مستويات الأمان والسلامة الواجب توفيرها أثناء أداء الوظيفة. أو القيود القانونية الخاصة بالمواصفات الواجب الالتزام بها فى تصميم المشروعات بهدف حماية البيئة. أو القيود على الحد الأدنى للأجور.
3/3 - دور المشروعات الصغيرة.
يعتبر الاقتصاد الخفى مهم جدا بالنسبة للمشروعات الصغيرة ، كما أن المشروعات الصغيرة مهمة جدا لوجود الاقتصاد الخفى. فالمشروعات الصغيرة تميل إلى إجراء معاملاتها باستخدام النقود السائلة ، ومن المعلوم أن مجالات الأعمال التى تقوم على استخدام النقود السائلة فى إجراء المعاملات تسهل من الأنشطة الخفية. ولهذا السبب نجد أن أى محاولة لتطبيق النظم الضريبية بالقوة يترتب عليها إفلاس عدد كبير من المشروعات الصغيرة ، لان هذه المشروعات تعمل أصلا فى ظل افتراض عدم وجود ضرائب.
ويؤدى تزايد أعداد المشروعات الصغيرة التى تقوم أساسا على استخدام النقود السائلة فى إبراء المعاملات إلى زيادة الأهمية النسبية للاقتصاد الخفى فى العديد من الدول. حيث يصبح من السهل التهرب من الضريبة عندما يكون حجم المشروعات صغير نسبيا.
3/4 - ندرة السلع.
تختلف طبيعة العوامل المسئولة عن نمو الاقتصاد الخفى من الدول النامية إلى الدول المتقدمة. فمما لا شك فيه أن جانبا كبيرا من التحليل عن أسباب نمو الاقتصاد الخفى تم على أساس حالة الدول المتقدمة ، والتى تلعب فيها الضرائب دورا أساسيا. أما فيما يتعلق بالدول النامية فان الأمر يختلف بعض الشئ. إذا أننا نواجه فى هذه الحالة اقتصادا على جانب كبير من السيطرة والتحكم فيه من جانب الحكومة ويعانى من عجز فى عرض بعض السلع. كما أن جانبا كبيرا من هيكل الضريبة ينصب على الضرائب الغير مباشرة وليس الضرائب على الدخل ، والتى يفترض أنها العامل الأساسى فى نمو الاقتصاد الخفى فى الدول المتقدمة. ولذلك نجد أن السبب الرئيسى فى نمو الاقتصاد الخفى فى هذه الدول هو نقص عرض السلع الاستهلاكية والرأسمالية ، وسهولة التلاعب فى السلع التى توفرها الحكومة ، والتى يفترض أن يتم توزيعها من خلال المنافذ المختلفة التى تتولى الحكومة الإشراف عليها.
إن النظام الخاص بالأسعار فى هذه الدول عادة ما يكون غير مناسبا ولا يعكس مستوى الندرة. فالسلع الأساسية تباع بأسعار مدعمة. وتؤدى هذه الأسعار المنخفضة إلى انتشار ظاهرة الطوابير وأحيانا زيادة فائض الطلب على السلع الاستهلاكية. ويؤدى ذلك الأمر إلى ازدهار أنشطة الاقتصاد الخفى أما من خلال إعادة بيع هذه السلع بصورة غير قانونية ، أو من خلال محاولة إنتاج هذه السلع فى الاقتصاد الخفى للوفاء باحتياجات الطلب عليها.
3/5 - دور المعلومات.
تلعب المعلومات دورا حيويا فى أداء الاقتصاد الخفى. فكل من المشترين والبائعين فى سوق السلع والعمل يحتاجون إلى معلومات عن الأطراف موضع المعاملات التى تتم على أرض الواقع. كذلك قد تكون هناك حاجة إلى المعلومات عن الأسعار والجودة والبدائل المتاحة. وبدون توافر هذه المعلومات فان السوق لا يمكنه العمل. وعلى ذلك لكى ينمو الاقتصاد الخفى فلابد من توافر المعلومات بسهولة وبتكلفة قليلة.
على أنه تنبغى الإشارة إلى انه إذا كانت البيانات متاحة بهذه السهولة للأطراف المتعاملة فى الاقتصاد الخفى ، فانه من المتوقع بالتالى أن تكون متاحة أيضا للحكومة. ومما لاشك فيه أن المعلومات سوف يكون لها تكلفة لمن يريد التعامل فى الاقتصاد الخفى. ومن ثم فان ازدهار الاقتصاد الخفى فى هذه الحالة سوف يعنى أن الحكومة أما لا تستطيع جمع هذه المعلومات أو لا ترغب فى جمعها أصلا.
رد: تعريف بالاقتصاد الخفى
جزاك الله خير
أسد الله- صاحب متميز
- عدد الرسائل : 233
العمر : 39
المكان : الامارات
المهنة : مواطن
الهواية : قراءة اخبار الامة الاسلامية
تاريخ التسجيل : 08/04/2007
رد: تعريف بالاقتصاد الخفى
الله يعطيك العافية على الموضوع الجميل
ابو عبد العزيز- مشرف
- عدد الرسائل : 1972
العمر : 39
المكان : المملكة العربية السعودية
المهنة : {{طالب علم}}
الهواية : نشر اللإسلام
تاريخ التسجيل : 16/03/2007
رد: تعريف بالاقتصاد الخفى
الله يجزاك خير
رفيق الدرب- مشرف
- عدد الرسائل : 1271
المكان : الله أعــــلـم
المهنة : لاأدري
الهواية : مــا أدري
تاريخ التسجيل : 17/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى